الرحمن عليه. وسابعا رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي عن مطالعة نهارك وليلك إلى مطالعة نهار فضلك وليل عدلك. وثامنا رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي بالاطلاع على مجامع آياتك ومعاقد بيناتك في أرضك وسمائك. وتاسعا رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي في أن أكون خلف صدق أنبيائك المتقدمين متشبها بهم في الانقياد لحكم رب العالمين. وعاشرا رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي بأن تجعل سراج الإيمان كالمشكاة التي فيها المصباح.
الرابعة: شرح الصدر عبارة عن إيقاد النور في القلب حتى يصير القلب كالسراج، ومستوقد السراج محتاج إلى سبعة أشياء: زند وحجر وحراق وكبريت ومسرجة وفتيلة ودهن. فالزند زند المجاهدة وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا [العنكبوت: ٦٩] والحجر حجر التضرع وادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً [الأعراف: ٥٥] والحراق منع الهوى وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى [النازعات: ٤٠] والكبريت الإنابة وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ [الزمر: ٥٤] والمسرجة الصبر وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة: ٤٥] والفتيلة الشكر لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [ابراهيم: ٧] والدهن الرضا وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [الطور: ٤٨] ثم إذا صلحت هذه الأدوات فلا تعول عليها بل ينبغي أن تطلب المقصود من حضرة ربك بالتضرع والدعاء قائلا رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي فهنالك تسمع قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى.
الخامسة: هذا النور الروحاني المسمى بشرح الصدر أفضل من الشمس الجسمانية لوجوه أحدها: الشمس يحجبها الغيم، وشمس المعرفة لا تحجبها السموات السبع إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [فاطر: ١٠] وثانيها الشمس تغيب ليلا وشمس المعرفة لا تغيب ليلا إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا [المزمل: ٦] وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ [آل عمران: ١٧] سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [الإسراء: ١] الليل للعاشقين ستير يا ليت أوقاته تدوم وعند الصباح يحمد القوم السرى. وثالثها الشمس تفنى إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير: ١] والمعرفة لا تفنى أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ [ابراهيم: ٢٤] سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس: ٥٨] ورابعها الشمس إذا قارنها القمر انكسفت وشمس توحيد المعرفة وهي «أشهد أن لا إله إلا الله» إذا لم تقرن بقمر النبوة وهي «أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم» لم يصل نور إلى عالم الجوارح. وخامسها الشمس تسود الوجه والمعرفة تبيض الوجوه يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ [آل عمران: ١٠٦] وسادسها الشمس تحرق والمعرفة تنجي من الإحراق