موعدكم خطاب الجمع وليس هناك إلا موسى وهارون، فإما أن يرتكب أن أقل الجمع اثنان وهو مذهب مرجوح، وإما أن يقال الجمع للتعظيم ولم يكن فرعون ليعظمهما، ويوم الزينة يوم عيد لهم يتزينون فيه. وعن مقاتل يوم النيروز، وعن سعيد بن جبير يوم سوق لهم.
وعن ابن عباس: هو يوم عاشوراء. وإنما قال: وَأَنْ يُحْشَرَ من غير تسمية الفاعل لأنهم يجتمعون ذلك اليوم بأنفسهم من غير حاشر لهم. ومحل أَنْ يُحْشَرَ رفع أو جر عطفا على اليوم أو الزينة عين اليوم. ثم الساعة وهي ضُحًى ذلك اليوم. وإنما واعدهم ذلك اليوم ليكون علو كلمة الله وزهوق الباطل على رؤوس الأشهاد ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حيى عن بينة، وليشيع أمره العجيب في الأقطار والأعصار والأطراف والأكناف، ففي ذلك تقوية دين الحق وتكثير راغبيه وقلة شوكة المخالف وتوهين عزائمهم فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ انصرف إلى مقام تهيئة الأسباب المعارضة فإن صاحب السحر يحتاج في تدبير السحر إلى طول الزمان ولهذا طلب الموعد وقال مقاتل: أعرض وثبت على إعراضه عن الحق فَجَمَعَ كَيْدَهُ أي أسباب الكيد وأدوات الحيلة والتمويه من مهرة السحر وغير ذلك ثُمَّ أَتى الموعد. عن ابن عباس: كانوا اثنين وسبعين ساحرا مع كل واحد منهم حبل وعصا. وقيل: أربعمائة. وقيل: أكثر من ذلك فضرب لفرعون قبة طولها سبعون ذراعا فجلس فيها ينظر إليهم فبين الله تعالى أن موسى قدم قبل كل شيء الوعيد والتحذير على عادة الصالحين من أهل النصح والإشفاق، ولا سيما الأنبياء المبعوثين رحمة للأمم وَيْلَكُمْ نصب على المصدر الذي لا فعل له أو على النداء لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً بأن تدعوا آياته ومعجزاته سحرا فَيُسْحِتَكُمْ السحت لغة أهل الحجاز والإسحات لغة أهل نجد وبني تميم، ومعناه الاستئصال. حذرهم أمرين: أحدهما عذاب الدارين والتنوين للتعظيم، والآخر الخيبة والحرمان عن المقصود فإن التمويه لا بقاء له فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كقوله في الكهف: إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ [الكهف: ٢١] أي وقع التنازع بينهم وَأَسَرُّوا النَّجْوى الضمير لفرعون وقومه. وقيل: للسحرة ويؤيده ما روي عن ابن عباس أن نجواهم إن غلبنا موسى اتبعناه. وعن قتادة: إن كان ساحرا فسنغلبه، وإن كان من السماء فله أمر. وعن وهب: لما قال وَيْلَكُمْ الآية قالوا: ما هذا بقول ساحر.
والأكثرون على الأول وذلك أنهم تفاوضوا وتشاوروا حتى استقروا على شيء واحد وهو أنهم.
قالوا إن هذان ساحران إلى آخر الآية: لا إشكال في قراءة أبي عمرو وكذا في قراءة ابن كثير وحفص، لأنه كقولك «إن زيدا لمنطلق» واللام فارقة بين المخففة والنافية.