الحفرة لم يمكنه الهرب. ولما روى أبو سعيد الخدري في قصته «فما أوثقناه ولا حفرنا له» .
وإذا مات الزاني في الحد يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين. ومن تغليظات حد الزنا قوله سبحانه وَلْيَشْهَدْ ظاهره أمر للوجوب إلا أن الفقهاء أجمعوا على أن حضور الجمع مستحب والمقصود إعلان إقامة الحد لما فيه من مزيد الردع، ولما فيه من دفع التهمة عمن يجلد. وفي لفظ العذاب دليل على أنه عقوبة لا استصلاح إلا أن يراد بالعذاب ما يمنع من المعاودة كالنكال وقد مر في أول البقرة في قوله وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ [الآية: ٧] ومعنى الطائفة قد مر في التوبة. فقال النخعي ومجاهد: هي في الآية واحد.
وعن عطاء وعكرمة اثنان. وعن الزهري وقتادة ثلاثة. وقال ابن عباس والشافعي: أربعة بعدد شهود الزنا. وعن الحسن عشرة لأنها أول عقد. وجوّز ابن عباس إلى أربعين رجلا من المصدقين بالله. وحضور الإمام والشهود ليس بلازم عند الشافعي ومالك لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحضر رجم ما عز والغامدية. وقال أبو حنيفة: إن ثبت بالبينة وجب على الشهود أن يبدأوا بالرجم ثم الإمام ثم الناس وإن ثبت بإقراره بدأ الإمام ثم الناس.
ثم ذكر شيئا من خواص الزناة فقال: الزَّانِي لا يَنْكِحُ وهو خبر في معنى النهي كقراءة عمرو بن عبد لا يَنْكِحُ بالجزم. ويجوز أن يكون خبرا محضا على معنى أن عادتهم جارية بذلك. وفي الآية أسئلة: الأول: كيف قدمت الزانية على الزاني في الآية المتقدمة وعكس الترتيب في هذه؟ والجواب أن تلك الآية مسوقة لبيان عقوبتهما على جنايتهما وكانت المرأة أصلا فيها لأنها هي التي أطمعت الرجل في ذلك. وأما الثانية فمسوقة لذكر النكاح والرجل هو الأصل في الرغبة والخطبة. والثاني: ما الفرق بين الجملتين في الآية؟ والجواب معنى الأولى صفة الزاني بكونه غير راغب في العفائف ولكن في الفواجر، ومعنى الثانية صفة الزانية بكونها غير مرغوب فيها للأعفاء، ولكن للزناة وهما معنيان مختلفان لأنه لا يلزم عقلا من كون الزاني كذلك أن يكون حال الزانية منحصرة في ذلك فأخبره الله تعالى بالجملة الثانية عن هذا الانحصار. الثالث أنا نرى الزاني قد ينكح المؤمنة العفيفة والزانية قد ينكحها المؤمن العفيف، وأيضا المؤمن قد يحل له التزوج بالمرأة الزانية. الجواب للمفسرين فيه وجوه: أحدها وهو الأحسن قول القفال: إن اللفظ وإن كان عاما إلا أن المراد منه الأعم الأغلب، وذلك أن الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنا والتقحب لا يرغب غالبا في نكاح الصوالح من النساء وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله أو في مشركة، والفاسقة الخبيثة المسافحة لا يرغب في نكاحها الصلحاء في الأغلب وإنما يرغب فيها أشكالها من الفسقة أو المشركين نظير هذا الكلام قول القائل «لا يفعل الخير إلا