وهو لرأيت أمرا فظيعا، وجوزوا أن يكون «لو» للتمني كأنه جعل لنبيه تمني أن يراهم على تلك الصفة الفظيعة من الذل والهوان ليشمت بهم. ثم إنه سبحانه ألزمهم وألجمهم بقوله وَلَوْ شِئْنا الآية. وفيه أنه لو ردهم إلى الدنيا لم يهتدوا لأنهم خلقوا لجهنم القهر وقد مر نظيره في آخر «هود» . ثم أكد إهانتهم بقوله فَذُوقُوا وانتصب هذا على أنه مفعول فَذُوقُوا وقوله لِقاءَ مفعول نَسِيتُمْ أي ذوقوا هذا العذاب بما نسيتم لقاء يومكم وذهلتم عنه بعد وضوح الدلائل أو تركتم الفكر فيه، ويجوز أن يكون هذا صفة يَوْمِكُمْ ومفعول ذُوقُوا محذوف وهو العذاب ولِقاءَ مفعول نَسِيتُمْ أو هو مفعول فَذُوقُوا على حذف المضاف أي تبعة لقاء يومكم ويكون نَسِيتُمْ متروك المفعول أو محذوفه وهو الفكر في العاقبة. وقوله إِنَّا نَسِيناكُمْ من باب المقابلة والمراد تركهم من الرحمة نظيره نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة: ٦٧] وقوله عَذابَ الْخُلْدِ من باب إضافة الموصوف إلى الصفة في الظاهر نحو: رجل صدق. أمرهم على سبيل الإهانة بذوق عذاب الخزي والخجل، ثم بذوق العذاب الخلد أعاذنا الله منه بفضله العميم، ثم ذكر أن كما الإيمان بآيات الله من شأن الخلص من عباده الساجدين لله شكرا وتواضعا حين وعظوا بآيات ربهم منزهين له عما لا يليق بجنابه وجلاله متلبسين بحمده غير مستكبرين عن عبادته تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ترتفع وتتنحى عن مواضع النوم داعين ربهم أو عابدين له خَوْفاً من أليم عقابه وَطَمَعاً في عظيم ثوابه،
وفسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيام الليل وهو التهجد. قال:«إذا جمع الله الأولين والآخرين جاء مناد ينادي بصوت يسمع الخلائق كلهم سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم ثم يرجع ينادي ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ثم يرجع فينادي ليقم الذين كانوا يحمدون الله في البأساء والضراء فيقومون وهم قليل فيسرحون إلى الجنة ثم يحاسب سائر الناس.» »
عن علي رضي الله عنه: جنبي تجافى عن الوساد خوفا من النار والمعاد من خاف من سكرة المنايا لم يدر ما لذة الرقاد قد بلغ الزرع منتهاه لا بد للزرع من حصاد
عن أنس بن مالك: كان أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة فنزلت فيهم. وقيل: هم الذين يصلون صلاة العتمة لا ينامون عنها.