للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى طعام كالدخول بالإذن لاستماع كلام مثلا، فأجيب بأن الخطاب مع قوم كانوا موصوفين بالتحين للطعام فمنعوا من الدخول في وقته من غير إذن. وجوز بعضهم أن يكون في الكلام تقديم وتأخير أي لا تدخلوا إلى طعام إلا أن يؤذن لكم فلا يكون منعا من الدخول في غير وقت الطعام بغير الإذن والأوّل أولى. ولا يشترط في الإذن التصريح به إذا حصل العلم بالرضا جاز الدخول ولهذا قيل إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ على البناء للمفعول ليشمل إذن الله وإذن الرسول أو العقل المؤيد بالدليل. وقوله فَانْتَشِرُوا للوجوب وليس كقوله فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا [الجمعة: ١٠] وذلك للدليل العقلي على أن بيوت الناس لا تصلح للمكث بعد الفراغ مما دعي لأجله، وللدليل النقلي وذلك قوله وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ وهو مجرور معطوف على ناظِرِينَ أو منصوب على الحال أي لا تدخلوها هاجمين ولا مستأنسين.

يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على زينب بتمر وسويق وشاة وأمر أنسا أن يدعو بالناس فترادفوا أفواجا إلى أن قال: يا رسول الله دعوت حتى ما أجد أحد أدعوه. فقال:

ارفعوا طعامكم وتفرق الناس وبقي ثلاثة نفر يتحدّثون فأطالوا فقام رسول الله ليخرجوا فانطلق إلى حجرة عائشة فقال: السلام عليكم أهل البيت فقالوا: وعليك السلام يا رسول الله كيف وجدت أهلك؟ وطاف بالحجرات فسلم عليهن ودعون له ورجع فإذا الثلاثة جلوس يتحدّثون وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحياء وذلك قوله إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ أي من إخراجكم، فلما رأوه متوليا خرجوا فرجع فنزلت الآية

ناهية للثقلاء أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدّثه به أو يستأنسون حديث أهل البيت واستماعه. ومعنى لا يَسْتَحْيِي لا يمتنع ولا يترك كما مر في أول البقرة. والضمير في سَأَلْتُمُوهُنَّ لنساء النبيّ بقرينة الحال.

قال الراوي: إن عمر كان يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة وكان يقول: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت.

والمتاع الماعون وما يحتاج إليه. وثاني مفعولي فَسْئَلُوهُنَّ محذوف وهو المتاع المدلول عليه بما قبله. ذلِكُمْ الذي ذكر من السؤال من وراء الحجاب أَطْهَرُ لأجل قلوبكم لأن العين روزنة القلب ومنها تنشأ الفتنة غالبا. وروي أن بعضهم قال: نهينا أن نكلم بنات عمنا إلا من وراء حجاب لئن مات محمد لأتزوجن فلانة عنى عائشة، فأعلم الله أن ذلك محرم بقوله وَما كانَ أي وما صح لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ بوجه من الوجوه وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ الإيذاء والنكاح كانَ عِنْدَ اللَّهِ ذنبا عَظِيماً لأن حرمة الرسول ميتا كحرمته حيا.

ثم بين بقوله إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً الآية. إنهم إن لم يؤذوه في الحال ولكن عزموا على

<<  <  ج: ص:  >  >>