للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنزاع غير لفظي حتى يمكن تصحيح قول المعاند بوجه. وأولو العلم هم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم. وقيل: هم علماء أهل الكتابين الذين أسلموا. ويرى من فعل القلب مفعولاه الذي مع صلته والحق وهو فصل. وقيل: إن يَرَى معطوف على لِيَجْزِيَ فلا وقف

على أَلِيمٌ أي وليعلم أولو العلم عند مجيء الساعة أنه الحق علما لا يزاد عليه في الإيقان ويحتجوا به على المعاند، أو وليعلم من لم يؤمن من الأحبار أنه هو الحق فيزدادوا حسرة. والعزيز إشارة إلى كونه منتقما من الساعين في التكذيب، والحميد إشارة إلى أنه يشكر سعي من يصدق ويعمل صالحا، وقدم صفة الهيبة لأن الكلام مع منكري البعث. ثم قص عناد أهل قريش وخصهم بالتعجيب من حالهم لأنهم تجاهلوا حين قالوا على رجل مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندهم أظهر من الشمس قصدوا بذلك الطعن والسخرية فأخرجوا الكلام مخرج الحكاية ببعض الأضاحيك والأعاجيب كأن لم يكونوا قد عرفوا منه إلا أنه رجل ما.

ومعنى مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ فرقت أوصالكم كل تفريق وجوّز جار الله أن يكون اسم مكان فمن الأموات ما حصل أجزاؤه في بطون الطير والسباع، ومنها ما مرت به السيول فذهبت به كل مذهب أو سفته الرياح فطرحته كل مطرح. والعامل في «إذا» ما دل عليه قوله إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ وهو تبعثون أو تخلقون، ثم ازدادوا في التجاهل قائلين أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً إن كان يعتقد خلافه أَمْ بِهِ جِنَّةٌ إن كان لا يعتقد خلافه. وفيه أن الكافر لا يرضى بالكذب البحت فيردد كلامه بين الأمرين ولكن أخطأ ابن أخت خالته حين ترك قسما ثالثا وهو أنه عاقل صادق فلذلك ردّ الله عليهم بقوله بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ جعل وقوعهم في العذاب رسلا لوقوعهم في الضلال إذ العذاب من لوازم الظلال وموجباته قابل قولهم أَفْتَرى بالعذاب وقولهم بِهِ جِنَّةٌ بالضلال البعيد لأن نسبة الجنون إلى العاقل أقل في باب الإيذاء من نسبة الافتراء إليه. وقد أسقطت همزة الوصل في قوله أَفْتَرى استثقالا لاجتماع همزتين: همزة الاستفهام المفتوحة وهمزة الوصل المكسورة وهو على القياس. وجوز بعضهم أن يكون هذا الاستفهام من كلام السامع المجيب لمن قال: هل ندلكم؟ وحين قرر دليل الحشر من جهة كونه علام الغيوب أراد أن يذكر دليلا آخر على ذلك من قبل كمال قدرته فقال أَفَلَمْ يَرَوْا معناه أعموا فلم ينظروا، خصت بالفاء وليس غيره في القرآن تعجيلا للجواب وتعقيبا لحل الشبهة نظيره قوله أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ [يس: ٨١] ثم هدّدهم بأنه قادر على أن يجعل عين النافع ضارا بالخسف وإسقاط الكسف. وقال جار الله: أراد فلم ينظروا

<<  <  ج: ص:  >  >>