للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضوعفت من الصر بالكسر وهو البرد الذي يصر أي يجمع ويقبض، أو من صرير الباب.

والتركيب يدور على الضم والجمع. عن ابن عباس أن الله تعالى ما أرسل على عاد من الريح إلا قدر خاتمي ومع ذلك أهلكت الكل. والأيام النحسات هي التي فسرها الله سبحانه في الحاقة سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ [الآية: ٧] والنحس بالسكون ضد السعد وهو إما مخفف نحس بالكسر أو هو أصل في نفسه كضخم، أو وصف لمصدر.

واستدل به بعض الأحكاميين على أن بعض الأيام يصح وصفه بالسعادة وبعضها يضدها.

وأجاب بعض المتكلمين بأن المراد بالنحوسة كونها ذات غبار وتراب وبرد. والإنصاف أنه تكلف خارج عن قانون اللغة. والإضافة في قوله عَذابَ الْخِزْيِ كهي في قولك: رجل صدق. وقوله وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى من الإسناد المجازي فإن الذل والهوان لصاحبه.

قوله وَأَمَّا ثَمُودُ مرتفع على الابتداء. قوله فَهَدَيْناهُمْ خبره قال سيبويه: هذا أفصح لأن أما من مظان وقوع المبتدأ بعده. وقرىء بالنصب إضمارا على شريطة التفسير. واتفقوا على أن المراد بالهداية هاهنا الدلالة المجردة لقوله بعده فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى يعني عمى البصيرة وهي الضلالة عَلَى الْهُدى إلا أن المعتزلة تأوّلوه بأنه إنما شاع استعماله في الدلالة المجردة لأنه مكنهم وأزاح علتهم فكأنه حصل البغية فيهم بتحصيل ما يوجبها. على أن المراد المعقولة ونقيضها، وقد مر هذا البحث في أول «البقرة» في قوله هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [الآية: ٢] وصاعقة العذاب داهيته وقارعته، والهون مصدر بمعنى الهوان وصف به العذاب مبالغة، أو أبدله منه وكسبهم شركهم وتكذيبهم صالحا وعقرهم الناقة. ثم بين أحوال الذين آمنوا واتقوا المعاصي بقوله وَنَجَّيْنَا الآية. وحين بين عقوبتهم في الدنيا أخبر عن عذابهم وعذاب أمثالهم في الآخرة فقال وَيَوْمَ يُحْشَرُ الآية. والعامل فيه «اذكر» محذوفا، أو هو ظرف لما يدل عليه يُوزَعُونَ كأنه قيل: يمنعون يوم يحشر فيحبس أوائلهم حتى يلحق بهم أواخرهم. قال جار الله: هو عبارة عن كثرة أهل النار. قلت: وذلك لأن الإيزاع لا يحتاج إليه إلا عند كثرة العدد كما مر في «النحل» . وما الإبهامية في قوله حَتَّى إِذا ما جاؤُها تفيد التأكيد. وهو أن عند وقت مجيئهم لا بد أن تحصل هذه الشهادة وشهادة الجلود بملامسة ما هو محرم. وعن ابن عباس: المراد شهادة الفروج فيكون كناية.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم «أوّل ما يتكلم من الآدميّ فخذه وكفه» «١»

وفيه وعيد شديد في فعل الزنا لأن مقدمته تحصل بالكف ونهايته تكون بمساعدة الفخذ. قوله أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ من العمومات المخصوصة أي ممن يصح النطق منه. والمراد أن القادر على خلقكم


(١) رواه أحمد في مسنده (٤/ ١٥١)

<<  <  ج: ص:  >  >>