للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجر» . «١»

الثالث وهو الأظهر أن السائل هو الذي يستجدي والمحروم الذي يحسب غنيا فيحرم الصدقة لتعففه

قال صلى الله عليه وسلم «ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان والتمرة والتمرتان قالوا: فما هو قال: الذي لا يجد ولا يتصدق عليه.» «٢»

وتقديم السائل على ترتيب الواقع لأنه يعرف حاله بمقاله فيسد خلته، وأما المحروم فلا تندفع حاجته إلا بعد الاستكشاف والبحث. وقيل: المحروم الذي لا ينمى له مال. وقيل: هو المنقوص الحظ الذي لا يكاد يكسب. ثم أكد وقوع الحشر والدلالة على قدرته بقوله وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ كقوله وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً إلى قوله إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى [فصلت: ٣٩] ومن عجائب الأرض ما هي في جرمها من الاستدارة والألوان المختلفة وطبقاتها المتباينة، ومنها ما عليها وفيها من الجبال والمواليد الثلاثة، ومنها ما هي واردة عليها من فوقها كالمطر وغيره. وخص الآيات الأرضية بالذكر لقربها من الحواس، وخص كونها آيات بالمؤمنين لأنهم هم المنتفعون بذلك، ومن لم يتأمل في المصنوعات لم يزد يقينه بالصانع. ثم استدل بالأنفس فقال وَفِي أَنْفُسِكُمْ آيات. وذلك أن الإنسان عالم صغير فيه تشابه من العالم الكبير وقد مر تقرير ذلك مرارا. وقيل: هي الأرواح أي وفي نفوسكم التي بها حياتكم آيات. قال أهل النظم: هذه الآية مؤكدة لما قبلها فإن من وقف على هذه الآيات الباهرة تبين له جلال الله وعظمته فيتقيه ويعبده ويستغفره من تقصيره ولا يهجع إلا قليلا، وهكذا من عرف أن رزقه في السماء لم يبخل بماله ويعطيه السائل والمحروم. وعن الحسن أنه كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه: فيه رزقكم يعني المطر ولكنكم تحرمونه.

وَما تُوعَدُونَ هي الجنة فوق السماء السابعة وتحت العرش. وقيل: إن أرزاقكم في الدنيا وما توعدون في العقبى كلها مقدرة مكتوبة في السماء. ثم أنتج من الأخبار السالفة من أول السورة إلى هاهنا حقيقة القرآن أو النبي أو الموعود، وأقسم عليه برب السماء الأرض ترقيا من الأدنى وهي المربوبات كالذاريات وغيرها إلى الرب تعالى. و «ما» مزيدة بنص الخليل حكاه جار الله يقال في الأمر الظاهر غاية الظهور أن هذا الحق أنك ترى


(١) رواه البخاري في كتاب المساقاة باب ٩ مسلم في كتاب السلام حديث ١٠٣ أبو داود في كتاب الجهاد باب ٤٤ ابن ماجه في كتاب الأدب باب ٨ الموطأ في كتاب صفة النبي حديث ٣٣ أحمد في مسنده (٢/ ٢٢٢، ٣٧٥)
(٢) رواه البخاري في كتاب تفسير سورة ٢ باب ٤٨ أبو داود في كتاب الزكاة باب ٢٤ النسائي في كتاب الزكاة باب ٧٦ الدارمي في كتاب الزكاة باب ٢ الموطأ في كتاب صفة النبي حديث ٧ أحمد في مسنده (١/ ٣٨٤، ٤٤٦) (٢/ ٢٦٠، ٣١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>