للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأكيد. ومواقع النجوم مساقطها ومغاربها ولا ريب أن لأواخر الليل خواص شريفة ولهذا قال سبحانه وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ [آل عمران: ١٧] وعن سفيان الثوري: إن لله تعالى ريحا تهب وقت الأسحار وتحمل الأذكار والاستغفار إلى الملك الجبار. وقوله وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ اعتراض فيه اعتراض. ومواقعها منازلها ومسايرها في أبراجها أو هي أوقات نزول نجوم القرآن الكريم الحسن المرضي من بين جنس الكتب. أو كرمه نفعه للمكلفين. أو هو كرامته على الله عز وجل فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ مستورا لا على من أراد الله تعالى اطلاعه على أسراره من ملائكته المقربين وهو اللوح لا يَمَسُّهُ إن كان الضمير للكتاب فالمعنى أنه لا يصل إلى ما فيه إِلَّا عبيده الْمُطَهَّرُونَ من الأدناس الجسمية وهم الكروبيون، وإن كان للقرآن فالمراد أنه لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على الطهارة الباطنة والظاهرة، فلا يمسه كافر ولا جنب ولا محدث. ومن الناس من حرم قراءة القرآن عند الحدث الأصغر أيضا. وعن ابن عباس في رواية وهو مذهب الإمامية إباحة قراءته في الجناية إلا في أربع سور فيها سجدة التلاوة لأن سجدتها واجبة عندهم. ثم وبخ المتهاونين بشأن القرآن فقال أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أي بالقرآن أو بهذا الكلام الدال على حقيقة القرآن أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ متهاونون من أدهن في الأمر إذا لان جانبه ولا يتصلب فيه وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أي شكر رزقكم أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بالبعث وبما دل عليه القرآن، ومن أظلم ممن وضع التكذيب موضع الشكر كأنه عاد إلى ما انجر منه الكلام وهو ذكر تعداد النعم من قوله أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ إلى قوله لِلْمُقْوِينَ وقيل: نزلت في الأنواء ونسبتهم الأمطار إليها يعني وتجعلون شكر ما يرزقكم الله من الغيث أنكم تكذبون بكونه من الله عز وجل وتنسبونه إلى النجوم. ثم زاد في توبيخ الإنسان على جحد أفعال الله وآياته. وترتيب الآية بالنظر إلى أصل المعنى هو أن يقال: فلولا ترجعون الأرواح إلى الأبدان إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين فزاد في الكلام توكيدات منها تكرير فَلَوْلا التحضيضية لطول الفصل كما كرر قوله فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بعد قوله لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ [آل عمران: ١٨٨] ومنها تقديم الظرف وهو قوله إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ أي النفس. وإنما أضمرت للعلم بها كقوله ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها [فاطر: ٤٥] وإنما قدم الظرف للعناية فإنه لا وقت لكون الإنسان أحوج إلى التصرف والتدبير منه، ولأنه أراد أن يرتب الاعتراضات عليه. ومنها زيادة الجمل المعترضة وهي قوله وَأَنْتُمْ يا أهل الميت حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ إليه وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ بالقدرة والعلم أو بملائكة الموت وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ لا بالبصر ولا بالبصيرة. ومعنى مدينين مربوبين مملوكين مقهورين من دان السلطان الرعية إذا ساسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>