ثم نبّه نبيه صلى الله عليه وسلم على شرائط المبايعة وهي المعاهدة على كل ما يقع عليه اتفاق كالإسلام والإمارة والإمامة، والمراد هاهنا المعاقدة على الإسلام وإعطاء العهود به وبشرائطه وعدم قتل الأولاد ووأد البنات، وكانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هو ولدي منك فكني عنه بالهتان المفترى بين يديها ورجليها لأن بطنها الذي تحمله فيه هو بين اليدين وفرجها الذي تلد به بين الرجلين. وقيل: البهتان في الآية الكذب والتهمة والمشي بالسعاية مختلقة من تلقاء أنفسهنّ. وقيل: قذف المحصنين. قال ابن عباس: في قوله وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ إنما هو شرط شرطه الله تعالى على النساء، والمعروف كل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات. واختلف في كيفية مبايعته إياهنّ فقيل: دعا بقدح من ماء وغمس يده فيه ثم غمسن أيديهنّ. وقيل: صافحهنّ وكان على يده ثوب. وقيل: كان عمر يصافحهنّ ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة يملكها إنما كان كلاما.
وعن أميمة بنت رقيقة قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من الأنصار نبايعه على الإسلام فأخذ علينا يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروف. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما استطعتن وأطقتن. قلنا الله ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا هلمّ نصافحك يا رسول الله. قال:
إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة.
يروى أن بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود طمعا في ثمارهم فنزلت لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً الآية.
وسبب يأسهم من الآخرة تكذيبهم بصحة نبوّة الرسول ثم عنادهم كما يئس الكفار من موتاهم أن يرجعوا أحياء. وقيل: من أصحاب القبور بيان للكفار لأنهم أيسوا من خير الآخرة ومعرفة المعبود الحق فكأنهم أولى.