الْكُفَّارِ لأنه لا حلّ بين المؤمنة والمشرك وآتوا أزواجهن مِثْلَ ما أَنْفَقُوا مثل ما دفعوا إليهن من المهور. ثم نفى عنهم الحرج في تزوّج هؤلاء المهاجرات إذا أعطوهن مهورهن.
قال العلماء: إما أن يريد بهذا الأجر ما كان يدفع إليهن ليدفعنه إلى أزواجهن فيشترط في إباحة تزوّجهن تقديم أدائه، وإما أن يراد بيان أن ذلك المدفوع لا يقوم مقام المهر وأنه لا بد من إصداق. احتج أبو حنيفة بالآية على أن أحد الزوجين إذا خرج من دار الحرب مسلما أو بذمة وبقي الآخر حربيا وقعت الفرقة بينهما ولا يرى العدة على المهاجرة ويصح نكاحها إلا أن تكون حاملا وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وهو ما يعتصم به من عقد وسبب قال ابن عباس: أراد من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعدّها من نسائه لأن اختلاف الدين قطع عصمتها وحل عقدتها. وعن النخعي: هي المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر. وقال مجاهد: هذا أمر بطلاق الباقيات مع الكفار ومفارقتهن وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ من مهور أزواجكم الملحقات بالكفار وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا من مهور نسائهم المهاجرات. أمر المؤمنين بالإيتاء ثم أمر الكافرين بالسؤال وهذه غاية العدل ونهاية الإنصاف. ثم أكد ما ذكر من الأحكام بأنها حكم الله. قال جار الله: يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ كلام مستأنف أو حال من حكم الله على حذف العائد أي يحكمه الله، أو جعل الحكم حاكما على المبالغة.
يروى أن بعض المشركين أبوا أن يؤدّوا شيئا من مهور الكوافر إلى أزواجهن المسلمين فأنزل الله تعالى وَإِنْ فاتَكُمْ
أي سبقكم وانفلت منكم شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ أحد منهن قال أهل المعاني: فائدة إيقاع شيء في هذا التركيب التغليظ في الحكم والتشديد فيه أي لا ينبغي أن يترك شيء من هذا الجنس وإن قل وحقر غير معوّض عنه. ويجوز أن يراد وإن فاتكم شيء من مهور أزواجكم. ومعنى فَعاقَبْتُمْ فجاءت عقبتكم من أداء المهر والعقبة النوبة شبه أداء كل طائفة من المسلمين والكافرين المهر إلى صاحبتها بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب في الركوب وغيره فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ إلى الكفار مِثْلَ ما أَنْفَقُوا أي مثل مهرها من مهر المهاجرة ولا تؤتوه زوجها الكافر. وقال الزجاج: معنى فَعاقَبْتُمْ فأصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم، فالذي ذهبت زوجته كان يعطي من الغنيمة المهر. قال بعض المفسرين: جميع من لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين ست نسوة: أم الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن شدّاد الفهري، وفاطمة بنت أبي أمية كانت تحت عمر بن الخطاب وهي أخت أم سلمة، وبروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان، وعبدة بنت عبد العزى بن نصلة وزوجها عمرو بن عبد ودّ، وهند بنت أبي جهل كانت تحت هشام بن العاص، وكلثوم بنت جرول كانت تحت عمر. أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهور نسائهم من الغنيمة. وفي قوله وَاتَّقُوا اللَّهَ ندب إلى سيرة التقوى ورعاية العدل ولو مع الكفرة.