للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نساء دار الخلافة اللؤلؤ، فنظر إليه منثورا على ذلك البساط فاستحسن المنظر وقال: لله در أبي نواس كأنه شاهد مجلسنا هذا حيث قال البيت:

كأن صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب

وقيل: شبهوا باللؤلؤ الرطب إذا نثر من صدفه لأنه أحسن وأكثر ماء، ثم أجمل نعيمهم لأنه مما لا يحصر ولا يخطر ببال أحد ما دام في الدنيا فخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم أو كل راء قائلا وَإِذا رَأَيْتَ قال الفراء: مفعوله وهو الموصول مضمر تقديره ما ثَمَّ كقوله لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ [الأنعام: ٩٤] يريد ما بينكم. وأنكر الزجاج وغيره حذف الموصول والاكتفاء بالصلة. والذي اختاره أصحاب المعاني أن يكون المفعول متروكا ليشيع ويعم.

والمعنى أن الرائي أينما وجد الرؤية لم يتعلق إدراكه إلا بنعيم وَمُلْكاً كَبِيراً أي واسعا هنيئا. و «ثم» ظرف مكان أشير به إلى الجنة.

روي أن أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام.

وقيل: الملك الكبير هو الذي لا زوال له. وقيل: هو أنه إذا أراد شيئا كان. ومنهم من حمله على التعظيم وهو أن يأتي الرسول بكرامة من الكسوة والطعام والشراب والتحف إلى ولي الله وهو في منزله فيستأذن عليه ولا يدخل عليه رسول رب العزة وإن كان من الملائكة المقربين إلا بعد الاستئذان قاله الكلبي: وقال أهل العرفان: الملك الكبير هو اللذات الحقيقية والمعارف الإلهية والأسرار الربانية التي تستحقر عندها اللذات البدنية. وعن علي أنه قرأ مُلْكاً كَبِيراً بفتح الميم وكسر اللام هو الله. من قرأ عالِيَهُمْ بسكون الياء فعلى أنه مبتدأ وثِيابُ سُندُسٍ خبر أي ما يعلوهم من لباسهم ثياب سندس.

ومن قرأ بالنصب فعلى أنه ظرف بمعنى فوق فيكون خبرا مقدما. ويجوز أن يكون نصبا على الحال من ضمير الأبرار أي ولقاهم نضرة وسرورا. حال ما يكون عاليهم ثياب سندس. أو يطوف عليهم أي على الأبرار ولدان حال ما يكون عاليهم ثياب سندس. ويحتمل أن يكون العامل رَأَيْتَ والمضاف محذوف والتقدير رأيت أهل نعيم وملك عاليهم ثياب سندس.

من قرأ خُضْرٌ بالرفع فظاهر، ومن قرأ بالجر فعلى الجوار أو على أنه صفة سندس بالاستقلال لأنه جنس فكان في معنى الجمع كما يقال: أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض. وأما الرفع في إِسْتَبْرَقٌ فللعطف على ثياب، والجر للعطف على سندس.

وكلاهما ظاهر. قوله وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ إن كان الضمير للولدان فلا إشكال لأن أساور المخدومين تكون من ذهب كما قال سبحانه في مواضع يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ [الكهف: ٣١] وأساور الخدام تكون من فضة. وإن كان الضمير للأبرار فلا إشكال

<<  <  ج: ص:  >  >>