للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يخلو عن الضبح، أو على الحال. وهكذا القول في فَالْمُورِياتِ قَدْحاً لأن الإبل قلما توري أخفافها. يقال: قدح فأورى وقدح فأصلد فَالْمُغِيراتِ أي المسرعات يندفعون صبيحة يوم النحر مسرعين إلى منى فَأَثَرْنَ من الإثارة أي هيجن وهو حكاية الماضي أو هو نحو وَنادى [الأعراف: ٤٨] وَسِيقَ [الزمر: ٧٢] بِهِ أي بالعدو أو بذلك الوقت نَقْعاً غبارا فَوَسَطْنَ أي توسطن بِهِ بذلك الوقت أو بالعدو أو متلبسة بالنقع جَمْعاً وهو المزدلفة لاجتماع الحاج بها. القول الثاني عن مجاهد وقتادة والضحاك وأكثر المحققين أن العاديات الخيل، ويروى ذلك مرفوعا.

قال الكلبي: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى ناس من كنانة فمكثت ما شاء الله أن تمكث لا يأتيه منهم خبر، فتخوف عليها فنزل جبرائيل بخبر مسيرها.

وعلى هذا فاللام في الْعادِياتِ للعهد. ويحتمل أن تكون للجنس ويدخل خيل السرية فيها دخولا أوليا. وقوله فَالْمُغِيراتِ على هذا يكون من أغار على العدو إذا شن عليهم الغارة والجمع جماعة الغزاة أو الكفرة. وقيل: الإيراء عبارة عن شبيب نيران الحرب وإيقادها كقوله كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ [المائدة: ٦٤] وقيل:

هي نيران الغزاة بالليل لحاجة طعامهم أو غيره. وعن عكرمة: هي الأسنة. وقيل: هي المنجحات في الأمور فيحتمل أن تكون الخيل أو الإبل لأنه وجد بها المقصود من الغزو والحج. ويحتمل أن يراد جماعة الغزاة أنفسهم. يقال للمنجح في حاجته ورى زنده. وفي إقسام الله تعالى بالإبل دلالة على عظم شأنهن وكثرة منافعهن دينا ودنيا كما قال أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [الغاشية: ١٧] وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ [يس: ٧٢] وكذا في الإقسام بالخيل وذلك مشاهد من عدوها وكرها وفرها بحسب مشيئة الراكب ولأمر ما

قال صلى الله عليه وسلم «الخيل معقود بنواصيها الخير» «١»

وقالت العقلاء: ظهرها حرز وبطنها كنز. قال الواحدي: أصل الكنود منع الحق والخير بهذا فسر ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة الكنود قالوا: ومنه سمي الرجل المشهور بكندة لأنه كند أباه ففارقه. وعن الكلبي: الكنود بلسان كندة العاصي، وبلسان بني مالك البخيل، وبلسان مضر وربيعة الكفور،

وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن الكنود الكفور الذي يمنع رفده، ويأكل وحده، ويضرب عبده»

وفي تقديم الظرف مزيد تقريع يعني أنه لنعمة ربه خصوصا لشديد الكفران فكيف نعمة غيره مثل الأبوين ونحوهما؟ وقال الحسن: الكنود اللوام لربه


(١) رواه البخاري في كتاب الجهاد باب ٤٣، ٤٤. مسلم في كتاب الزكاة حديث ٢٥. أبو داود في كتاب الجهاد باب ٤١. الترمذي في كتاب الجهاد باب ١٩. النسائي في كتاب الخيل باب ١، ٧ ابن ماجه في كتاب الجهاد باب ١٤. الدارمي في كتاب الجهاد باب ٣٣. الموطأ في كتاب الجهاد حديث ٤٤. أحمد في مسنده (٢/ ٤٩) (٣/ ٣٩) (٤/ ١٠٤، ١٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>