صاحبه بذكر ما هو ثابت بينهما من الجنسية والإسلام. وقد يستدل بهذا على أن الفاسق مؤمن لأنه تعالى أثبت الأخوة بين القاتل وبين ولي الدم، ولا شك أن هذه الأخوة بسبب الدين إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: ١٠] مع أن قتل العمد العدوان بالإجماع من الكبائر. وأيضا إنه تعالى ندب إلى العفو عن القاتل، والعفو إنما يليق عن المؤمن.
ويحتمل أن يجاب بأن القاتل قبل إقدامه على القتل كان مؤمنا فلعله تعالى سماه مؤمنا بهذا التأويل، وبأن القاتل قد يتوب وعند ذلك يكون مؤمنا. ثم إنه تعالى أدخل غير التائب فيه على سبيل التغليب. وأيضا لعل الآية نازلة قبل أن يقتل أحد أحدا. ولا شك أن المؤمنين أخوة قبل الإقدام على القتل. وأيضا الظاهر أن الفاسق يتوب، وعلى هذا التقدير يكون ولي المقتول أخا له. وأيضا يجوز أن يكون قد جعله أخا له في النسب كقوله تعالى وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً [هود: ٥٠] فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ أي فليكن اتباع، أو فالأمر، أو فحكمه اتباع. أو فعلية اتباع فقيل: على العافي اتباع بالمعروف بأن يشدد في المطالبة بل يجري فيها على العادة المألوفة، فإن كان معسرا فالنظرة وإن كان واجدا لعين المال فإنه لا يطالبه بالزيادة على قدر الحق، وإن كان واجدا بغير المال الواجب فالإمهال إلى أن يستدل وأن لا يمنعه بسبب الاتباع عن تقديم الأهم من الواجبات وَإلى المعفو عنه أَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ بأن لا يدعي الإعدام في حال الإمكان ولا يؤخره مع الوجود، ولا يقدم ما ليس بواجب عليه، وأن يؤدي ذلك المال على بشر وطلاقة وقول جميل من غير مطل وبخس، هذا قول ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد. وقيل: هما على المعفو عنه فإنه يتبع عفو العافي بمعروف ويؤدي ذلك المعروف إليه بإحسان ذلِكَ قيل: إشارة إلى الاتباع والأداء. وعن ابن عباس: وهو الأقرب إنه إشارة إلى الحكم بسرع القصاص والدية والعفو، فإن هذه الأمة خيرت بينهن توسعة وتيسيرا، ولم يكن لليهود إلا القصاص وللنصارى إلا العفو وإثبات الخيرة فضل من الله ورحمة في حقنا، لأن ولي الدم قد تكون الدية آثر عنده من القود إذا كان محتجا إلى المال، وقد يكون القود آثر عنده إذا كان راغبا في التشفي ودفع شر القاتل عن نفسه. وقد يؤثر ثواب الآخرة فيعفو عن القصاص وعن بدله جميعا وهو الدية. فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ التخفيف فتجاوز ما شرع له من قتل غير القاتل مع قتل القاتل أو دونه أو قتل بعد أخذ الدية والعفو فقد كان لولي في الجاهلية يؤمن القاتل بقبوله الدية ثم يظفر به فيقتله فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ نوع من العذاب الأليم في الآخرة. وعن قتادة:
العذاب الأليم أن يقتل لا محالة ولا يقبل من الدية كما
روي أنه صلى الله عليه وسلم قال «لا أعافي أحدا قتل بعد أخذه الدية»
وهو مذهب الحسن وسعيد بن جبير وضعفه غيرهم. ولما كانت الآية