والتوبة والعفو يكونان بعد المعصية وارتكاب ما هو محرم. قال أبو مسلم: التوبة من العباد الرجوع إلى الله بالعبادة، ومن الله الرجوع إلى العبد بالرحمة والإحسان. والعفو التسهيل والتوسعة والتخفيف.
قال صلى الله عليه وسلم «عفوت عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهم» وقال «أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله»
والمراد التخفيف بتأخير الصلاة إلى آخر الوقت. ويقال: أتاني هذا المال عفوا أي سهلا. فالمعنى عاد عليكم بالرحمة وسع عليكم بإباحة هذه الأشياء المحرمة على الذين من قبلكم. وأما الروايات فأخبار آحاد لا يوجب شيء منها حمل القرآن عل النسخ. ولنشتغل بتفسير الألفاظ فنقول: ليلة الصيام قال الواحدي: أراد ليالي الصوم، فوضع الواحد موضع الجمع. ويمكن أن يقال: أضاف الليلة إلى هذه الحقيقة فتتناول الكل من غير تكلف.
والرفث الجماع. والرفث أيضا الفحش من القول وكلام النساء في الجماع. وقيل لابن عباس. حين أنشد:
وهن يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطير ننك لميسا
أترفث وأنت محرم؟ فقال: إنما الرفث ما واجه به النساء. هميسا أي مشيا لينا، ولميس اسم امرأة أي أن يصدق الفأل ننكها. وقال أبو علي: معناه الفرج. ويقال: جامع الرجل أو ناك. فإذا أردت الكناية عن هذه العبارة قلت: رفث الرجل. وإنما كني عنه هاهنا بلفظ الرفث الدال على معنى القبح ولم يعبر عنه بالإفضاء أو الغشيان أو المس ونحوها كما في مواضع آخر وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ [النساء: ٢١] فَلَمَّا تَغَشَّاها [الأعراف: ١٨٩] بَاشِرُوهُنَّ [البقرة: ١٨٧] مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [البقرة: ٢٣٧] أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ [النساء: ٤٣] وفي قوله: دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء: ٢٣] فَأْتُوا حَرْثَكُمْ [البقرة: ٢٢٣] فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ [النساء: ٢٤] وَلا تَقْرَبُوهُنَّ [البقرة:
٢٢٢] حتى استهجان لما وجد منهم قبل الإباحة، أو البيان كما سماه اختيانا لأنفسهم.
قال الأخفش إنما عدي الرفث بإلى لتضمنه معنى الإفضاء في قوله وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ [النساء: ٢١] هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وجه التشبيه أنهما يعتنقان فينضم جسد أحدهما إلى جسد صاحبه ويشتمل عليه كالثوب. قال الربيع: هن فراش لكم وأنتم لحاف لهن. وقال ابن زيد: كل منهما يستر صاحبه عن الأبصار عند الجماع. قال الجعدي: