معرفة، أو على الابتداء فقط إن كان نكرة مثل «حسبك درهم» . وعلى هذا تكون الإضافة معنوية البتة، وعلى تقدير كونه خبر الوقوع المعرفة بعده تكون الإضافة لفظية أي فحسب وكاف له. قال يونس وأكثر النحويين: جهنم اسم للنار التي يعذب الله بها في الآخرة وهي أعجمية وفيها العلمية والتأنيث. وقال آخرون: إنه اسم عربي سميت نار الآخرة بها لبعد قعرها. حكي عن رؤبة أنه قال: ركية جهنام بكسر الجيم والهاء أي بعيدة القعر. وقيل:
اشتقاقها من الجهومة وهي الغلظ. ومنه رجل جهم الوجه أي غليظه. سميت بذلك لغلظ أمرها في العذاب والعقاب. وَلَبِئْسَ الْمِهادُ أي ما يمهد لأجله فإن المعذب في النار يلقى على النار كما يوضع الشخص على الفراش. ويحتمل أن يكون مصدرا بمعنى التمهيد والتوطئة.
قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي الآية.
قال سعيد بن المسيب: أقبل صهيب مهاجرا نحو النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعه نفر من قريش فنزل عن راحلته وانتشل ما في كنانته وأخذ قوسه ثم قال: والله لا تصلون إليّ أو أرمي بكل سهم معي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي. وإن شئتم دللتكم على مال دفنته بمكة وخليتم سبيلي ففعلوا. فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ربح البيع أبا يحيى وتلا الآية.
وقيل: أخذ المشركون صهيبا فعذبوه فقال لهم صهيب: إني شيخ كبير لا يضركم، أمنكم كنت أم من غيركم. فهل لكم أن تأخذوا مالي وتذروني وديني؟ ففعلوا ذلك. وكان قد شرط عليهم راحلة ونفقة فخرج إلى المدينة فتلقاه أبو بكر وعمر في رجال، فقال له أبو بكر: ربح بيعك أبا يحيى. قال صهيب: وبيعك. أفلا تخبرني ما ذاك؟ فقال: نزلت فيك كذا وقرأ الآية. عن الحسن: نزلت في أن المسلم أتى الكافر فقاتل حتى قتل. وقيل: نزلت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سمع عمر بن الخطاب إنسانا يقرأ هذه الآية فقال عمر: إنا لله قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل.
وقيل: نزلت في علي رضي الله عنه بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة خروجه إلى الغار.
ويروى أنه لما نام على فراشة قام جبريل عند رأسه وميكائيل عند رجليه وجبريل ينادي بخ بخ. من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ونزلت الآية.
ثم إن الآية تدل على أن هاهنا مبايعة، فأكثر المفسرين على أن العامل هو البائع. ومعنى يشري يبيع وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ [يوسف: ٢٠] والله هو المشتري إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ [التوبة:
١١١] وعمل المكلف وهو بذل نفسه في طاعة الله من الصلاة والصيام والحج والجهاد هو الثمن والجنة هي المثمن. وقيل: يحتمل أن يراد بالشراء هاهنا الاشتراء وذلك أن من أقدم