للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال عقيب ذلك فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ لكان الطلاق أربعا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لثابت في مخالعته امرأته ولم يستكشف عن الحال مع أن الطلاق في زمان الحيض وفي الطهر الذي حصل الجماع فيه حرام،

ولما روى عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس لما اختلعت منه جعل النبي صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة ولو كانت مطلقة لم يقتصر لها على قرء واحد

تِلْكَ أي المذكورات من أحكام الطلاق حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها فلا تتجاوزوا عنها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ والظالم اسم ذم وتحقير. فوقوع هذا الاسم عليه يكون جاريا مجرى الوعيد. وكيف لا والظالم ملعون أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ثم إنه ظلم من الإنسان على نفسه حيث أقدم على المعصية، وظلم على الغير أيضا بتقدير أن لا تتم المرأة عدته أو كتمت شيئا مما خلق في رحمها، أو ترك الرجل الإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان، أو أخذ من جملة ما آتاها شيئا لا بسبب نشوز من جهة المرأة.

الحكم الخامس من أحكام الطلاق: بيان أن الطلقة الثالثة قاطعة لحق الرجعة وذلك قوله فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ والسبب في إيقاع آية الخلع بين آية الرجعة وبين هذه بعد ما مر من مناسبتها للتسريح بإحسان، هو أن الرجعة والخلع لا يصحان إلا قبل الطلقة الثالثة، ومعنى الآية فإن طلقها مرة ثالثة بعد المرتين فلا تحل له من بعد ذلك التطليق حتى تنكح أي تتزوج غيره. والنكاح يسند إلى المرأة كما يسند إلى الرجل كالتزوج فيقال: فلانة ناكح في بني فلان أي لها زوج منهم. هذا عند من يفسر قوله الطَّلاقُ مَرَّتانِ بالطلاق الرجعي. وأما عند من يفسره بأن التطليق الشرعي هو الذي يوقع على التفريق. فالمعنى عنده أنه إن طلقها الطلاق الموصوف بالتكرار في قوله الطَّلاقُ مَرَّتانِ واستوفى نصابه فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ ذلك حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ. ومذهب جمهور المجتهدين أن النكاح هاهنا بمعنى الوطء، لأن قوله زَوْجاً يدل على العقد. وقد نقلنا هذا عن أبي علي فيما سلف في تفسير قوله وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ [البقرة:

٢٢١] ويؤيد هذا ما

روي عن عائشة أن امرأة رفاعة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن رفاعة طلقني فبت طلاقي وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني. وإن ما معه مثل هدبة الثوب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.

كنى بالعسيلة عن لذة الجماع وإنما أنث لأن من العرب من يؤنث العسل. ويروى أنها لبثت ما شاء الله ثم رجعت فقالت: إنه قد كان مسني فقال لها: كذبت في قولك الأول فلن

<<  <  ج: ص:  >  >>