رضاعه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال أجبرت الأم على إرضاعه. وقيل:
المراد من الوارث الباقي من الأبوين كما
في الدعاء المروي «واجعله الوارث منا»
أي الباقي وهو قول سفيان وجماعة فَإِنْ أَرادا فِصالًا أي فطاما وليس من باب المفاعلة وإنما هو ثلاثي على «فعال» كالعثار والإباق. وذلك أن الولد ينفصل عن الاغتذاء بثدي أمه إلى غيره من الأقوات. وعن أبي مسلم أنه يحتمل أن يكون المراد من الفصال إيقاع المفاصلة بين الولد والأم إذا حصل التراضي والتشاور في ذلك، ولم يرجع ضرر إلى الولد وليكن الفصال صادرا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ مع أرباب التجارب وأصحاب الرأي فَلا جُناحَ عَلَيْهِما في ذلك زادا على الحولين لضعف في تركيب الصبي، أو نقصا. وهذه أيضا توسعة بعد التحديد وذلك أن الأم قد تمل من الإرضاع فتحاول الفطام والأب أيضا قد يمل إعطاء الأجرة على الإرضاع فيطلب الفطام دفعا لذلك لكنهما قد يتوافقان على الإضرار بالولد لغرض النفس فلهذا اعتبرت المشاورة مع غيرهما، وحينئذ يبعد موافقة الكل على ما يكون فيه إضرار بالولد، وإن اتفقوا على الفطام قبل الحولين وهذا غاية العناية من الرب بحال الطفل الضعيف، ومع اجتماع الشروط لم يصرح بالإذن بل رفع الحرج فقط. ولما بيّن حكم الأم وأنها أحق بالرضاع بيّن أنه يجوز العدول في هذا الباب عنها إلى غيرها فقال: وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أي المواضع أولادكم فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ يقال: أرضعت المرأة الصبي واسترضعتها الصبي بزيادة السين مفعولا ثانيا كما تقول: أنجى لحاجة واستنجته إياها. فحذف أحد المفعولين للعلم به. وعن الواحدي: التقدير أن تسترضعوا لأولادكم فحذف اللام للعلم به مثل وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ أي كالوا لهم أو وزنوا لهم. ومن موانع الإرضاع للأم ما إذا تزوجت بزوج آخر، فقيامها بحق ذلك الزوج يمنعها عن الإرضاع. ومنها أنه إذا طلقها الزوج الأول فقد تكره الإرضاع ليتزوج بها زوج آخر. ومنها أن تأبى المرأة قبول الولد إيذاء للزوج المطلق. ومنها أن تمرض أو ينقطع لبنها. فعند أحد هذه الأمور إذا وجدنا مرضعة أخرى وقبل الطفل لبنها جاز العدول عن الأم إلى غيرها، فإن لم نجد مرضعة أخرى أو وجدنا ولكن لا يقبل الطفل لبنها فالإرضاع واجب على الأم. إِذا سَلَّمْتُمْ إلى المراضع ما آتَيْتُمْ ما آتيتموه المرأة أي ما أردتم إيتاءه مثل إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ قرأ ما آتَيْتُمْ بالقصر فهو من أتى إليه إحسانا إذا فعله كقوله تعالى إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا أي مفعولا. وروى شيبّان عن عاصم ما أوتيتم أي ما آتاكم الله وأقدركم عليه من الأجرة، وليس التسليم شرطا للجواز والصحة وإنما هو ندب إلى الأولى. وفيه حث على أن الذي يعطي المرضعة يجب أن يكون يدا بيد حتى يكون أهنأ وأطيب لنفسها لتحتاط في شأن الصبي، ولهذا قيد التسليم