فثبت أن ذكر هذا النوع من التهديد مع المسلمين وارد في كتاب الله وسنة رسوله. ثم التفضيل فيه أن المصر على عمل الربا إن كان شخصا قدر الإمام عليه قبض عليه وأجرى عليه حكم الله من التعزير والحبس إلى أن تظهر منه التوبة، وإن كان له عسكر وشوكة حاربه الإمام كما يحارب الفئة الباغية، وكما حارب أبو بكر مانعي الزكاة. وكذا القول لو أجمعوا على ترك الأذان وترك دفن الموتى فإنه يفعل بهم ما ذكرناه وَإِنْ تُبْتُمْ من استحلال الربا أو عن معاملة الربا فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ الغريم يطلب زيادة على رأس المال وَلا تُظْلَمُونَ أنتم بنقصان رأس المال. وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ إن وقع غريم من غرمائكم ذو إعسار على أن «كان» هي التي تسمى تامة بمعنى وجد الشيء وحدث في نفسه لا بمعنى وجد موصوفا بشيء فإنها حينئذ تكون ناقصة تحتاج إلى الخبر. وقرأ عثمان ذا عسرة بمعنى وإن كان الغريم أو المستربي ذا عسرة. والقراءة المشهورة أولى كيلا تكون النظرة مقصورة على الغريم المستربي بل تعمه وغيره من أرباب العسرة وهي اسم من الإعسار وهو تعذر الموجود من المال. والنظرة التأخير والإمهال وفي الآية حذف والتقدير: فالحكم أو فالأمر نظرة. وقرىء فَنَظِرَةٌ بسكون الظاء، وقرأ عطاء فناظره على الأمر أي سامحه بالإنظار وناظره أي صاحب الحق ناظره أي منتظره، أو ذو نظرته مثل مكان عاشب أي ذو عشب. والميسرة اليسار ضد الإعسار. وقرىء بضم السين كمقبرة ومقبرة. ومن قرأ بالإضافة إلى الضمير فقد حذف التاء كقوله: وَأَقامَ الصَّلاةَ واختلفوا في أن حكم الإنظار مختص بالربا أو عام في الكل؟ فعن ابن عباس وشريح والضحاك والسدي وإبراهيم: الآية في الربا. قال الكلبي: قال بنو عمرو لبني المغيرة: هاتوا رؤوس أموالنا ولكم الربا ندعه لكم. فقال بنو المغيرة: نحن اليوم أهل عسرة فأخرونا إلى أن تدرك الثمرة فأبوا أن يؤخروهم فنزلت وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ وعن مجاهد وسائر المفسرين أنها عامة في كل دين، ولهذا ورد «كان» تامة. ولو فرض أن سبب النزول خاص فلا بد من إلحاق سائر الصور به لأن العاجز عن أداء المال لا يجوز تكليفه به وهو قول أكثر الفقهاء كمالك وأبي حنيفة والشافعي. والإعسار في الشرع هو أن لا يجد في ملكه ما يؤديه بعينه ولا يكون له ما لو باعه لأمكن أداء الدين من ثمنه. فمن وجد دارا أو ثوبا لا يعد من ذوي العسرة إذا أمكنه بيعها وأداء ثمنها، ولا يجوز له أن يحبس إلا قوت يومه لنفسه وعياله وما لا بد لهم من كسوة لصلاتهم ودفع الحر والبرد عنهم. وهل يلزمه أن يؤخر نفسه من صاحب الدين أو غيره؟ الأصح أنه لا يلزمه، وكذا لو بذل له غيره ما يؤديه لا يلزمه القبول. فأما من له بضاعة كسدت عليه فواجب عليه أن يبيعها بالنقصان إن لم يمكن إلا ذلك. وإذا علم الإنسان أن