للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التيمم إذا بيع الماء بالغبن. قال مجاهد: كان هذا في أول الإسلام فقط لضعف المؤمنين.

وروى عوف عن الحسن أنه قال: التقية جائزة إلى يوم القيامة. وهذا أرجح عند الأئمة.

وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ قيل: أي عقاب نفسه. وفيه تهديد عظيم لمن تعرّض لسخطه بموالاة أعدائه لأن شدة العقاب على حسب قدرة المعاقب. وفائدة ذكر النفس تصريح بأن الذي حذر منه هو عقاب يصدر من الله لا من غيره. وقيل: الضمير يعود إلى اتخاذ الأولياء أي ينهاكم الله عن نفس هذا الفعل. ثم حذر عن جعل الباطن موافقا للظاهر في وقت التقية فقال:

قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أي قلوبكم وضمائركم لأن القلب في الصدر فجاز إقامة الظرف مقام المظروف أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ يتعلق به علمه الأزلي. ثم استأنف بيانا أشفى وتحذيرا أوفى فقال: وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ثم قال إتماما للتحذير وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ثم خلط الوعيد بالوعد والترهيب بالترغيب فقال: يَوْمَ تَجِدُ وفي عامله وجوه قال ابن الأنباري: وإلى الله المصير يوم تجد. وقيل: والله على كل شيء قدير يوم تجد، وخص ذلك اليوم بالذكر وإن كان غيره من الأيام بمنزلته في قدرة الله تعالى تعظيما لشأنه مثل مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: ٣] وقيل: انتصابه بمضمر أي اذكر. والأظهر أن العامل فيه تَوَدُّ والضمير في بَيْنَهُ لليوم أي تود كل نفس يوم تجد ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء محضرا أيضا لو أن بينها وبين ذلك اليوم وهو له أمدا بعيدا. والأمد الغاية التي ينتهي ليها مكانا كانت أو زمانا. والمقصود تمني بعده كقوله: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ [الزخرف: ٣٨] ومعنى كون العمل محضرا هو أن يكون ما كتب فيه العمل من الصحائف حاضرا، أو يكون جزاؤه حاضرا إذ العمل عرض لا يبقى. ثم إن لم يكن يوم متعلقا ب تَوَدُّ احتمل أن يكون تَوَدُّ صفة سُوءٍ والضمير في بَيْنَهُ يعود إليه، واحتمل أن يكون حالا، واحتمل أن يكون ما عَمِلَتْ مبتدأ من الصلة والموصول وتَوَدُّ خبره وهو الأكثر، واحتمل أن يكون «ما» شرطية وتَوَدُّ جزاء له وهو قليل كقوله:

وإن أتاه خليل يوم مسغبة ... يقول لا غائب ما لي ولا حرم

وقراءة عبد الله ودت يحتملهما على السواء إلا أن الحمل على الابتداء والخبر أوقع في المعنى لأنه حكاية الكائن في ذلك اليوم وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ تأكيد للوعيد وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ قال الحسن: ومن رأفته أن حذرهم نفسه وعرّفهم كمال علمه وقدرته، وأنه يمهل ولا يهمل، ورغبهم في استيجاب رحمته، وحذرهم من استحقاق غضبه. ويجوز أن يراد أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>