[الشعراء: ٢٣، ٢٤] فعلى الأول مشتق من العلم وخصوا بالذكر للتغليب، وعلى الثاني من العلامة وجمع ليشمل كل جنس مما سمي به، وجمع بالواو والنون تغليبا لما فيه من صفات العقلاء. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ صفة أخرى.
واليوم هو المدة من طلوع نصف جرم الشمس إلى غروب نصف جرمها، أو من ابتداء طلوعها إلى غروب كلها، أو من طلوع الفجر الثاني إلى غروبها، وهذا في عرف الشرع.
ويراد به في الآية الوقت لعدم الشمس ثمة. والدين الجزاء بالخير والشر
«كما تدين تدان»«١»
وإضافة اسم الفاعل إلى الظرف اتساع وإجراء للظرف مجرى المفعول به مثل: يا سارق الليلة أهل الدار. وإنما أفادت التعريف حتى جاز وقوعه صفة للمعرفة لأنه إما بمعنى الماضي نحو وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ [الأعراف: ٤٨] وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ [الزمر: ٧٣] أو بمعنى الاستمرار نحو: زيد مالك العبيد. فيكون بمعنى من يملك المفيد للاستمرار نحو: فلان يعطي ويمنع. وحينئذ لا تعمل، فتكون الإضافة حقيقية، وقرىء بنصب الكاف ورفعها مدحا، وبسكون اللام مخفف ملك مكسور اللام وبجعله فعلا ماضيا ونصب يوم ومليك رفعا ونصبا وجرا. «ايا» ضمير منصوب منفصل ولا محل لكاف الخطاب نحو «أرأيتك» وهو مذهب الأخفش والمحققين وحكاية الخليل «إذا بلغ الرجل الستين فإياه وايا الشواب» شاذ. والأصل نعبدك ونستعينك، فلما قدم الضمير المتصل للاختصاص صار منفصلا. وقرىء إياك بتخفيف الياء، وأياك بفتح الهمزة والتشديد، وهياك بقلب الهمزة هاء، قال طفيل:
فهياك والأمر الذي إن تراحبت ... موارده ضاقت عليك مصادره
فإن قيل: لم عدل عن الغيبة إلى الخطاب؟ قلنا: هذا يسمى الالتفات في علم البيان وذلك على عادة افتنانهم في الكلام والتنقل من أسلوب إلى أسلوب تطرية لنشاط السامع.
وقد يختص مواقعه بفوائد وسننظم لك في سلك التقرير فائدته في هذا الموضع. والعبادة أقصى غاية الخضوع. طريق معبد أي مذلل، وثوب ذو عبدة في غاية الصفاقة وقوة النسج هدى يتعدى باللام أو بإلى إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: ٩] وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى: ٥٢] فعومل معاملة اختار في قوله تعالى وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ [الأعراف: ١٥٥] والأصل فيه الإمالة ومنه إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ [الأعراف:
١٥٦] أي ملنا والهدية لأنها تمال من ملك إلى ملك والهدي للذي يساق إلى الحرم أي أمل
(١) رواه البخاري في كتاب تفسير سورة الفاتحة باب ١.