للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتوبة والاعتذار والتنصل بأقصى ما يمكن للعبد.

وفي كتاب مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم» «١»

وعن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرضين خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» «٢»

وعن علي رضي الله عنه قال: حدثني أبو بكر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر فيصلي ثم يستغفر الله إلا غفر له» «٣» ثم قرأ وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً إلى قوله: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ

وهذه الجملة معترضة والتقدير: فاستغفروا لذنوبهم وَلَمْ يُصِرُّوا لم يقيموا على قبيح فعلهم غير مستغفرين. والتركيب يدل على الشدة، ومنه صررت الصرة شددتها، وصر الفرس أذنيه ضمهما إلى رأسه. وأصر أيضا

عن النبي صلى الله عليه وسلم «ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة» «٤»

وروي «لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار»

وَهُمْ يَعْلَمُونَ حال من فاعل يصروا، وحرف النفي منصب عليها معا كما لو قلت: ما جاءني زيد وهو راكب. وأردت نفي المجيء والركوب معا. وذلك أن المقام مقام مدح لهم بعدم الإصرار.

والمعنى ليسوا ممن يصرون على الذنوب وهم عالمون بقبحها وبالنهي عنها والوعيد عليها لأنه قد يعذر الجاهل ولا يعذر العالم، ويحتمل أن يراد بالعلم العقل والتمييز والتمكن من الاحتراز عن الفواحش فيجري مجرى

قوله صلى الله عليه وسلم «رفع القلم عن ثلاث» «٥»

وعلى هذا يجوز أن يراد نفي الإصرار في حالة العلم لا نفيه مطلقا كما لو أردت في المثال المذكور نفي المجيء


- كتاب الدعوات باب ٩٩. ابن ماجه في كتاب المقدمة باب ١٣. أحمد في مسنده (٢/ ٢٤٢، ٢٥٨) .
(١) رواه مسلم في كتاب التوبة حديث ١١. الترمذي في كتاب الجنّة باب ٢. أحمد في مسنده (١/ ٢٨٩) ، (٢/ ٣٠٥) .
(٢) رواه الترمذي في كتاب الدعوات باب ٩٨.
(٣) رواه أبو داود في كتاب الوتر باب ٢٦. الترمذي في كتاب الصلاة باب ١٨١. ابن ماجه في كتاب الإقامة باب ١٩٣. أحمد في مسنده (١/ ٢، ٩) .
(٤) رواه البخاري في كتاب الدعوات باب ٣. الترمذي في كتاب تفسير سورة ٤٧ باب ١. ابن ماجه في كتاب الأدب باب ٥٧. أحمد في مسنده (٢/ ٢٨٢، ٣٤١) .
(٥) رواه البخاري في كتاب الطلاق باب ١١. أبو داود في كتاب الحدود باب ١٧. الترمذي في كتاب الحدود باب ١. النسائي في كتاب الطلاق باب ٢١. ابن ماجه في كتاب الطلاق باب ١٥. الدارمي في كتاب الحدود باب ١. أحمد في مسنده (١/ ١١٦، ١١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>