للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ليس يحمل عقله هذا فلا ... تظلمه واعذرْه على النكرانِ

للروح شأن غير ذِي الأجسام لا ... تهمله شأنَ الرُّوح أعجب شانِ

وهو الذي حَار الورى فيه فلم ... يعرفه غير الفرد في الأزمانِ

هذا وأمرٌ فوق ذا لو قلته ... بادرت بالإنكار والعدوانِ

فلذاك أمسكت العنان ولو أرى ... ذاك الرفيق جريت في الميدانِ

هذا وقولي إنها مخلوقةٌ ... وحدوثها المعلوم بالبرهانِ

هذا وقولي إنها ليست كما ... قد قال أهل الإفك والبهتانِ

لا داخل فينا ولا هي خارجٌ ... عنَّا كما قالوه في الديانِ

والله لا الرحمن أثبتم ولا ... أرواحكم يا مدَّعي العرفانِ

عطلتم الأبدان من أرواحها ... والعرش عطَّلتم من الرحمنِ

وقال رحمه الله ذاكرًا بعض صفات الله:

هو واحدٌ في وصفه وعلوِّه ... ما لِلْوَرَى رَبُّ سِوَاهُ ثانِ

وهو القديم فلم يَزَلْ بِصِفَاته ... مُتوَحّدًا بل دَائِمَ الإِحسانِ

والنَّقْصُ في أمْرينِ سَلْبُ كمالَه ... أو شركةُ بالواحِدِ الرحمنِ

إنَّ الكمال بكثرة الأوصاف لا ... في سلبها ذا واضح البرهان

ما النقص غير السلب حسبُ وكلُّ نقـ ... ـصٍ أصله سلب وهذا واضح التبيانِ

فالجهل سلب العلم وهو نقيصة ... والظلم سلب العدل والإحسانِ ...

متنقِص الرحمن سالب وصفه ... حقًّا تعالى الله عن نقصانِ

وكذا الثناء عليه ذِكر صفاته ... والحمد والتمجيد كلّ أوانِ

ولذاك أعلم خلقه أدراهم ... بصفاته من جاء بالقرآن

وله صفاتٌ ليس يُحصيها سِوَا ... هُ مِن مَلائكةِ ولا إنسانِ

ولذاك يُثنَى في القيامة ساجدًا ... لَمَّا يراه المصطفى بعيانِ

بثناء حمد لم يكن في هذه الدنيا ... ليحصيه مدى الأزمانِ

وثناؤه بصفاته لا بالسلو ... ب كما يقول العادم العرفانِ

والعقل دلَّ على انتهاء الكون ... أجمعه إلى ربٍّ عظيم الشانِ

وثبوت أوصاف الكمال لذاته ... لا يقتضى إبطال ذا البرهانِ

والكون يشهد أن خالقه تعا ... لى ذو الكمال ودائم السلطانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>