للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمته وعلمه بآثار صنعته في الأعيان، وكذلك المشركون إنما عبدوا الأصنام لأجل الصنعة فيها.

جواب رابع: وهو أن قول القائل نحت كقوله ضرب وذلك يشتمل على ستة أشياء: على الفاعل، وعلى المصدر وهو الضرب والنحت وهو المفعول حقيقة وإنما فعل الفاعل فعلاً أو قعه فيه فيسمى مفعولاً له مجازاً، والفاعل لها هو الله (١)، وعلى ظرف الزمان وظرف المكان وهما مفعول فيهما حقيقة (٢)، وعلى الحال وهو مفعول فيه أيضاً حقيقة (٣) فإذا كان الله هو الخالق للخمسة الأشياء وجب أن يكون خالقاً للسادس وهو المصدر.

جواب خامس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله صانع الخزم وصانع كل صنعة" (٤)، وهذا نص في موضع الخلاف يؤيد ما ذهبنا إليه من تأويل الآية. فاعترض هذا المخالف على هذا بثلاثة أمور أحدها أن قال: هذا الخبر غير موثوق بسنده.


(١) قوله هنا "يسمى مجازاً مفعولاً له" من ناحية أن الإنسان ليس خالقاً للمضروب أو المنحوت والفاعل له أي الخالق له حقيقة هو الله.
(٢) المراد بظرف الزمان أي وقت حدوثه وظرف المكان أي مكان حدوثه وهو الحجر في مثل نحت زيد الحجر، وعلى هذا يكون ظرف الزمان مفعول فيه من ناحية وقوع الفعل فيه وظرف المكان هو الواقع عليه الفعل مفعول فيه بحدوث النحت أو الضرب فيه.
(٣) مثال ذلك: (ضربت المذنب قائما) فقائماً حال وهو مفعول فيه حيث وقع عليه على تلك الحال.
(٤) أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد ص ١٧، وابن أبي عاصم في السنة ١/ ١٥٨، والبيهقي في الأسماء والصفات ص ٣٣٢، والحاكم في المستدرك ١/ ٣١، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ٣/ ٥٣٨، كلهم من طريق أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن خراش عن حذيفة مرفوعاً ولفظه عندهم "أن الله تعالى يصنع كل صانع وصنعته" وبعضهم يورده "أن الله خالق … " الحديث. والحديث صححه الحاكم وقال: هو على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وقال ابن حجر: حديث صحيح. فتح الباري ١٣/ ٤٩٨، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤/ ١٨٣، وورد ذكر الخزم في كلام حذيفة - رضي الله عنه - موقوفاً أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد بسنده ص ١٧، وكذلك أبو عبيد القاسم بن سلام كما يذكر المصنف في غريب الحديث ٤/ ١٢٧.
والخزم هو شبيه بالخوص وليس بخوص. انظر: غريب الحديث ٤/ ١٢٧، وقال في اللسان: شجر له ليف تتخذ من لحائه الحبال. اللسان ٢/ ١١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>