قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه على الخلق والمخلوق والفعل والمفعول: "وأكثر المعتزلة على أن فعل الرب تعالى لا يكون إلا بمعنى مفعوله مع أنهم يفرقون في العبد بين الفعل والمفعول. وأما من قال: خلق الرب تعالى لمخلوقاته ليس هو نفس مخلوقاته، قال: إن أفعال العباد مخلوقة كسائر المخلوقات ومفعولة للرب كسائر المفعولات، ولم يقل: إنها نفس فعل الرب وخلقه، بل قال: إنها نفس فعل العبد وعلى هذا تزول الشبهة، فإنه يقال: الكذب والظلم ونحو ذلك من القبائح يتصف بها من كانت فعلاً له كما يفعلها العبد وتقوم به ولا يتصف بها من كانت مخلوقة له إذا كان قد جعلها صفة لغيره، كما أنه سبحانه لا يتصف بما خلقه في غيره من الطعوم والألوان والروائح والأشكال والمقادير والحركات وغير ذلك، فإذا كان قد خلق لون الإنسان لم يكن هو المتلون به، وإذا خلق رائحة منتنة أو طعما مراً أو صورة قبيحة ونحو ذلك مما هو مكروه مذموم مستقبح لم يكن هو متصفاً بهذه المخلوقات القبيحة المذمومة المكروهة والأفعال القبيحة، ومعنى قبحها كونها ضارة لفاعلها وسبباً لذمه وعقابه وجالبة لألمه وعذابه وهذا أمر يعود على الفاعل الذي قامت به، ولا على الخالق الذي خلقها فعلاً لغيره، يوضح هذا أن الله تعالى إذا خلق في الإنسان عمى ومرضاً وجوعاً وعطشاً كان العبد هو المريض الجائع العطشان فضرر هذه المخلوقات وما فيها من الأذى والكرهة عاد إليه لا يعود إلى الله تعالى شيء من ذلك، فكذلك ما خلق فيه من كذب وظلم وكفر ونحو ذلك هي أمور ضارة مكروهة مؤذية، وهذا معنى كونها سيئات وقبائح، أي أنها تسوء صاحبها وتضره، وقد تسوء أيضاً غيره وتضره، كما أن مرضه ونتن ريحه قد يسوء غيره ويضره". انتهى بتصرف. مجموع الفتاوى ٨/ ١٢٢ - ١٢٤. (٢) في - ح - (وأشباهه). (٣) السجدة آية (٧) وفي النسختين كتبت الآية هكذا (الذي أحس كل شيء خاقه ثم هدى) وهو خطأ.