للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذلك قبل الفعل وبعده، فلما لم يخرجهم عدم علمهم بما اكتسبوا عن كونهم مكتسبين لأفعالهم فكذلك لا يخرجهم عدم علمهم بما خلقوه عن كونهم خالقين لها، ولا يلزم علم الله بما خلق لأنه عالم بجميع المعلومات الجلي منها والخفي، والعباد يعلمون بعلوم محصورة، وعدم العلم لا يمنع من وجود الأفعال من غير العالم بها وإنما يمنع من وجودها محكمة، لأن كون الفاعل عالماً شرط (١) لوقوع فعله محكماً، وعلمه بإحكامها أيضاً لا يمنع أن يجهل التمييز بينها وبين غيرها بعد وجودها عند الالتباس وإنما الذي يحيل وجود الأفعال عدم القدرة فينا، هذا تحرير كلامه

والجواب: إن قول هذا المخالف: إن علم الله بما فعل لا يدل على أن كل فاعل (٢) يجب أن يكون عالماً بما فعل غير صحيح، بل وجود الفعل يدل على وجود أمور في الفاعل هي شرط في كونه فاعلاً، وعدمها يقتضي عدم الفعل.

أحدها: كون الفاعل موجوداً.

الثاني: كونه حياً.

الثالث: كونه عالماً بما فعل.

الرابع: كونه قادراً على ما فعل.

إذ لو لم يكن وجوده شرطاً لتصور وجود الفعل من المعدوم، ولو لم تكن حياته شرطاً لتصور وجود الفعل من الميت والجمادات، ولو لم يكن علمه شرطاً لتصور وجود المتاب ممن ليس بكاتب والنساجة والتجارة ممن ليس بنساج (٣) ولا تاجر، وكون الفعل محكماً يدل على تزايد علمه (٤) بما فعل.


(١) في - ح - (بشرط).
(٢) في النسختين (عالم) وهو خطأ وصوابه ما أثبت وانظر: كلام المخالف.
(٣) في- ح - بناسخ.
(٤) هكذا في - ح - وهي في الأصل (علمه) ولا يستقيم الكلام بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>