للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفتنة بقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَه} (١)، فقيل: كفره، وقيل: اختياره، وقيل: عذابه (٢). فإن كان المراد بها عذابه أو كفره فالحجة لنا ثابتة لأن إرادة الله في الخلق قديمة قبل أن يخلق الله الخلق، وقد كتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} (٣). ويروى في الصحاح أن ابن مسعود قال: حدثنا النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو صادق المصدوق "إن أحدكم يجمع خلقه نطفة في بطن أمه أربعين (٤) يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح ثم يؤمر بأربع بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي (٥) أو سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع (٦) ثم يسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون لينه وبينها إلا ذراع (٧) ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" (٨).

فإذا تقرر هذا وحملنا هذه الآية على ما قال المخالف: على العقاب


(١) المائدة آية (٤١).
(٢) ذكر هذه المعنى ابن منظور في لسان العرب ٥/ ٣٣٤٦ والذي نقل عن ابن عباس وذكره ابن جرير والقرطبي أن فتنته هنا (ضلالته). انظر: الأسماء والصفات للبيهقي ص ١٩٨، تفسير ابن جرير ٦/ ٢٣٨، القرطبي ٦/ ١٨٢.
(٣) الحج آية (٧٠) والآية في الأصل هكذا {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} وهو خطأ وهي في - ح- هكذا إلا أنها مصححة وزاد وذكر فيها قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.
(٤) في - ح - (أربعون).
(٥) في الأصل (شقي) بدون الواو وهي في - ح - كما أثبت وهي كذلك في الصحيحين.
(٦) في الأصل (ذراعاً) وفي - ح - كما أثبت وهو الصواب لأنها اسم كان.
(٧) في الأصل (ذراعاً) وهي في - ح- كما أثبت.
(٨) أخرجه خ. كتاب القدر (ب. القدر) ٨/ ١٠٣، م. كتاب القدر (ب. كيفية الخلق الآدمي) ٤/ ٢٠٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>