للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما على صراط مستقيم وذلك لا يمكن حمله إلا على اختصاصه لهم في الدين فدل انه لم يجعل ذلك لمن أضله،؛ لأنه المفاضلة في الشيئين إنما يكونان من جنس ليكون (١) أحدهما ضد الآخر كقوله تعالى: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (٢)، وكقوله تعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} (٣)، ويدل على ثبوت الإضلال في الدين بالدنيا قول الله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} (٤) يقول شبه له سوء عمل (٠) هـ {فَرَآهُ حَسَناً} يعني ما زين له الشيطان وحسنه عنده، وقيل: {فَرَآهُ حَسَناً} يعني صدقاً فلم يرجع عنه (٥) كقوله تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} (٦)، فإن الله يضل من يشاء عن دينه فلا يهديه إلى الإسلام ويهدي من يشاء لدينه، وهذه الآية نزلت في أبي جهل بن هشام (٧)، ويقال في العاص بن وائل السهمي والأسود بن عبد المطلب (٨) وفيها محذوف لعلم السامع والتقدير: أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله (٩) يدل عليه قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (١٠) ويدل على ما قلنا قول الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ


(١) في - ح - (ويكون).
(٢) آل عمران آية (١٢٩).
(٣) آل عمران آية (٢٦).
(٤) فاطر آية (٨).
(٥) انظر: تفسير القرطبي ١٤/ ٣٢٥.
(٦) النمل آية (٢٤).
(٧) في -ح - (لعنة الله).
(٨) ذكر هذا القرطبي عن الكلبي، وذكر في الآية ثلاثة أقوال أخرى وهي أنها نزلت في اليهود والنصارى والمجوس، وقيل: المراد الخوارج، وقيل: الشيطان، ورجح القرطبي ما ذكر عن الكلبي وعنده أن المراد بها كفار قريش. تفسير القرطبي ١٤/ ٣٢٥.
(٩) ذكر هذا التقدير القرطبي ونسبه الشوكاني إلى الزجاج ورجحه، وفي الآية تقدير آخر ذكره القرطبي ورجحه، وهو قول الكسائي إن المعنى (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ذهبت نفسك عليهم حسرات). انظر: تفسير القرطبي ١٤/ ٣٢٥، فتح القدير ٤/ ٣٣٩.
(١٠) فاطر آية (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>