للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصاري عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ} فقال - صلى الله عليه وسلم-: "أنزل الله هذه الآية في أناس يكذبون بقدر الله" (١)، ولا حجة له بقوله: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ}، أن الإضلال هاهنا العذاب، بل نقول: إنه أخبر في الآخرة على ضلالهم بالدين في الدنيا، فيكون بهذا زيادة فائدة غير ما ذكر المخالف، ويدل على إضلال الله بالدين في الدنيا قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ} (٢) وهذه الآية نزلت في قوم هووا الأوثان (٣) فعبدوها (٤)، فأخبر الله أضلهم حرمهم التوفيق والتسديد على ما سبق في علمه أنه يخلقهم ضلالاً، وأخبر أنه ختم على سمعهم (٥) فلا يسمعون الهدى، وعلى قلوبهم فلا يعقلون الهدى، وجعل على أبصارهم غشاوة يعني الغطاء، فمن يهديهم يعني يرشدهم من بعد الله، ثم أخبر عن قولهم في الدنيا {وَقَالُوا (٦) مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} وهؤلاء دهرية، وقول المخالف: إن الختم على القلوب العلامة في الآخرة تعسف وصرف للقرآن عن ظاهره على وفق مذهبه، وسأبين ذلك إن شاء الله (٧). ويدل على إضلال الله لهم في الدنيا قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٥/ ٢٧٦، وذكره ابن كثير ونسبه إلى ابن أبي حاتم وذكر إسناده، وذكره ابن حجر في الإصابة ونسبه إلى ابن شاهين وابن مردويه وابن منده. انظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٢٧٦، الإصابة ٤/ ١٣ وسنده ضعيف فإن مدار هذه الروايات على سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة. هو مجهول، فقد ذكره أبو حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الجرح والتعديل ٤/ ٤٩، وذكره الهيثمي في المجمع وقال: "وفيه من لم أعرفه". مجمع الزوائد ٧/ ١١٧.
(٢) الجاثية آية (٢٣ - ٢٤.).
(٣) في - ح - (أوثاناً).
(٤) انظر: تفسير ابن جرير ٢٥/ ١٥٠، تفسير القرطبي ١٦/ ١٦٧.
(٥) في -ح - (سمعه).
(٦) في الأصل (قالوا) وفي - ح- كما أثبت.
(٧) انظر: ما سيأتي ص ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>