للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: سيهديهم في القبور إلى القول بالحق الذي قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (١) وهو عند مسألة الملكين له في قبره (٢) الذي وردت به الأخبار في الصحاح مما ينكره القدرية (٣).

وأما قوله تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ} فلا دليل له أن الهداية في الجنة هو الثواب، بل إدخاله الجنة لهم هو لثواب هدايته لهم في الدنيا إلى الأعمال الصالحة.

وأما قول المخالف في قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} أي أراد هدايتهم العامة وهي التأييد والإسلام فاستحبوا العمى على الهدى قد يراد به البيان والدعوة (٤)، وهذا هو الهدى الذي عم الخلق به، فكيف يصح لك أيها المخالف أن تحمل الآية على موضع النزاع والخلاف، ويدل على بطلان قولك، قوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} (٥) فأخبر أن من يهديه الله فهو المهتدي، ولا يجوز أن يراد هاهنا من يدخل الله الجنة أو من يثيبه فهو المهتدي أي فهو الداخل (٦)، هذا ما لا يقبله عقل عاقل.

وأما قوله: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} فنقول: لا ننكر أنه نسب استحباب العمى إليهم لكونه مكتسباً لهم ولذلك أخبر أنه عاقبهم بكسبهم


(١) سورة إبراهيم آية (٢٧).
(٢) ذكر هذا القول القرطبي ونسبه إلى ابن زياد وفي الآية قول ثالث: وهو سيهديهم إلى الجنة وهذه على قراءة أبي عمرو (قتلوا) انظر: تفسير القرطبي ١٦/ ٢٣٠، شفاء العليل ص ٨٥.
(٣) سيفرد المصنف لذلك فصلاً في أواخر الكتاب.
(٤) انظر: ما تقدم ص ٢٨٦ وانظر: تفسير القرطبي عند هذه الآية من سورة فصلت ١٥/ ٣٤٩.
(٥) الأعراف آية (١٧٨).
(٦) في - ح- تقديم وتأخير حيث العبارة هكذا قوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} أي فهو الداخل، فأخبر أن من يهديه الله فهو المهتدي ولا يجوز أن يراد هاهنا من يدخل الله الجنة أو من يثيبه فهو المهتدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>