للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك بقوله: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. فأخبر الله انه عاقبهم على كسبهم لذلك لا على خلق ذلك فيهم، وكذلك الجزاء في آي كثيرة إنما ذكره الله على الكسب ولأن استحسانهم كان بمشيئتهم لذلك ومشيئتهم متعلقة بمشيئة الله، قال الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} (١)، وقوله تعالى: {وَمَا يَذْكُرُونَ (٢) إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (٣).

وأما قول المحالف في الهدى إنه الزيادة في الهدى (٤)، وكذلك قوله في التطهير فيما مضى (٥) فيقال له: إذا وافقت أن الله تعالى يخلق الزيادة في التوفيق (٦) والتأييد في قلوب المهتدين والمؤمنين الذين خلقوا الإيمان والهدى في قلوبهم أولا، فقد وافقت على أنه خلق (٧) شيئاً من أفعال عباده زيادة فيما (٨) خلقوه أولاً في نفوسهم، ويكون ذلك ثواباً لهم وجزاء على ما خلقوه بأنفسهم، فلا يمتنع أن يبتدئهم ويخلق التوفيق والتسديد والتأييد لهم إلى الإسلام والإيمان قبل أن يخلقوه في أنفسهم، ويكون متفضلاً منعماً عليهم ولا يكون ذلك مستحيلاً منه، ولا يستحيل خلق ضده في قلوب آخرين فلا يكون ذلك جوراً وظلماً لهم، ولا يكون قبيحاً منه، كما أخبر في إعطائه وتفضله عليهم في الدنيا لمن يشاء ومنع ذلك عمن يشاء بقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٩) فقد أخبر أنه


(١) الإنسان آية (٣٠).
(٢) في الأصل (وما تشاؤن) وهي في -ح- مصححة كما أثبتها.
(٣) المدثر آية (٥٦).
(٤) انظر: ص ٣٥٦ - ٣٥٧.
(٥) انظر: ص ٣٣١.
(٦) في - ح- (والتوفيق).
(٧) في - ح- (لم يخلق).
(٨) (فيما) معناها (في الذي).
(٩) آل عمران آية (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>