للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آتى الملك من شاء أليس ذلك يعد تفضلاً منه عليهم؟ ونزعه ممن يشاء منهم هل يعد أنه ظلمهم أم يقال منعهم (١) ما لا يستحقونه عليه؟ وأعز من شاء بفضله وأذل من شاء بعدله بيده الخير، أي (٢) خير أفضل وأكثر من الأعمال التي ينال بها الخير الدائم في الآخرة، وأي عز اعز من العز الدائم في الجنة، وأي ذل أعظم من الذل الدائم في النار.

ويدل على إضلال الله لهم في الدنيا عن الدين قوله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} (٣) الآية.

وسبب نزول هذه الآية أن عيينة بن حصن الفزاري دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ذات يوم وهو جالس على البساط ومعه سلمان الفارسي وليس عنده غيره وبيد سلمان خوص يشقه وعليه شملة وهو (٤) يوم حار، فجعل عيينة يشير إلى سلمان أن (٥) تنحى عن البساط، وجعل سلمان يتنحى وعيينة ينحيه حتى أرحله (٦) عن البساط ثم قال عيينة: يا محمد لو كنت إذا دخل عليك رؤساء قومك وأشرافهم نحيت مثل هذا وأرابه كان أسرع لهم (٧) فيما تحب، أما يؤذيك ريحه لقد آذاني ريحه، إن نُسلم يسلم الناس بعدنا، والله ما يمنعنا من الدخول عليك ولا اتباعك إلا هذا وأضرابه فأنزل الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} (٨) إلى قوله: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} (٩) فأخبر الله تعالى أنه أغفل قلبه عن ذكره وهو


(١) في - ح- (أنه منعهم).
(٢) في - ح- (وأي).
(٣) الكهف آية (٢٨).
(٤) في - ح- (في يوم).
(٥) في - ح - (أي).
(٦) هكذا في الأصل وفي - ح- (أن حله) ووردت في الدر المنثور ٥/ ٣٨٠ من حديث سلمان عند عبد بن حميد فقال: "تنح حتى القاني عن البساط".
(٧) (لهم) ليست في - ح-.
(٨) في - ح- أضاف إليها (يريدون وجهه).
(٩) في - ح- أضاف إليها (واتبع هواه).

<<  <  ج: ص:  >  >>