للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: {يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} (١) حين زعم أن القرآن من عند الله، فهل يحسن (٢) استعمال العلامة في شيء من هذا أو يقبله عقل؟ ويدل على أن المراد بالطبع على قلوبهم هو سدها وتغطيتها عن الهداية والإسلام قوله تعالى: {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} (٣) فأخبر أن الطبع أورثهم عدم الفهم، وهذا المعنى لا يوجد في العلامة على القلوب.

ويدل على صحة قولنا: ما روي أن قوماً من المنافقين حضروا خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فلما خرجوا من المسجد قالوا للذين أوتوا العلم: ماذا قال آنفاً؟ يعنون الساعة (٤) وقد سمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفقهوه، فأخبر الله عن أن المعنى الذي أورثهم عدم تفقههم (٥) قول النبي صلى الله عليه وسلم (٦) فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} أي في الكفر، وهذا كقوله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} (٧)، فنسب إغفال قلوبهم إليه، كما نسب الطبع على قلوبهم إليه، واتبعوا لذلك أهواءهم ونسب اتباعهم لأهوائهم إليهم، لأنه كسبهم ولأنهم محل لخلق الله ذلك فيهم. ويدل على صحة قوله قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى


(١) الشورى آية (٢٤).
(٢) في الأصل (يحصل) وما أثبت من - ح-.
(٣) المنافقون آية (٣).
(٤) المراد به الساعة التي هي أقرب الأوقات إليك قاله القرطبي. انظر: تفسير القرطبي ١٦/ ٢٣٨.
(٥) (تفقههم) غير موجودة في كلا النسختين وهي في نسخة (ب) فلعلها على هامش الأصل وهي غير ظاهرة في الصورة.
(٦) ذكر هذا ابن جرير في تفسيره ٢٦/ ٥١، وانظر: تفسير القرطبي ١٦/ ٢٣٨.
(٧) الكهف آية (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>