للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} (١) وقد قرأ بعض القراء (غشاوة) بالنصب فيكون تأويل الآية غطاءاً على قلوبهم فلا تفقه (٢) وعلى أسماعهم فلا تسمع وعلى أبصارهم غشاوة (٣) فلا تبصر (٤)، ولو كان المراد بالختم هاهنا: العلامة، لكانت العلامة على آذانهم وعلى أعينهم مشاهدة يدركها كل أحد كما يدرك العلامة على وجوههم وعلى أبصارهم يوم القيامة ويشاهدها كل أحد، فبطل أن يكون الختم والطبع هو العلامة.

واستدل المخالف على تأويله بقوله تعالى: {بَلْ (٥) طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً} (٦) فأخبر أن الإيمان بالطبع يحصل من قليل منهم (٧).

والجواب: أن هذه الآية حجة عليه، وأن الطبع: هو السد (٨) والتغطية لأن الله سبحانه أخبر عنهم أنهم قالوا: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} يعنون قلوبنا في أكنة: أي عليها الغطاء فلا نفقه ولا نفهم ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم فقال الله: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا} أي ختم عليها بكفرهم: أي جعل ذلك مجازاة لهم على كفرهم، وقيل: لما سبق في علمه بكفرهم، وأما قوله: {فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً}


(١) البقرة آية (٧).
(٢) ذكر هذه القراءة الطبري والقرطبي ورجحا قراءة الرفع حيث غشاوة مبتدأ مؤخر، أما النصب فعلى تقدير (جعل) فيكون المعنى (وجعل على أبصارهم غشاوة) تفسير الطبري ١/ ١١٤، تفسير القرطبي ١/ ١٩١.
(٣) (غشاوة) ليست في - ح-.
(٤) الأولى أن يقول (وجعل على أبصارهم غشاوة فلا تبصر) على تقدير النصب لغشاوة.
(٥) (بل) ليست في- ح-.
(٦) النساء آية (١٥٥).
(٧) مراد المخالف بهذا أن الطبع لو كان هو التغطية والختم عليها فلا يدخل إليها الهداية لما حصل الإيمان لقليل منهم.
(٨) في الأصل (الشد) وفي - ح- كما أثبتها وهي الأصوب فلم يرد أن الشد من معاني الطبع. انظر: ما تقدم من معنى الطبع ص ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>