للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء (١) الأئمة شيء من هذه التأويلات التي أوردها هذا المخالف، وإنما ذلك من تخيلات المعتزلة والقدرية وتأويلاتهم الفاسدة التي يرومون بها صرف القرآن عن ظاهره الذي يشهد على بطلان مذهبهم الفاسد، والذي ذكره المفسرون المعتمد على تفسيرهم من الصحابة والتابعين أن الأكنة على القلوب: هي الغشاوة والأغطية عليها، وهي معنى الختم والطبع عليها عن الإيمان الهدى بدليل قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوه} وهذا يراد به عدم فقههم وفهمهم (٢) لمعاني القرآن المودعة في القرآن (٣)، ولو كان المراد به ما ذكره المخالف من منعهم من أذى النبي صلى الله عليه وسلم لما كان لذكر فقههم معنى، ولقال: أن يسمعوه.

ويدل على بطلان تأويله أن النوم وغيره من الموانع عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم لا تسمى أكنة على القلوب ولا وقراً في الآذان، بل تسمى شاغلاً ومانعاً عن الأذى، وهذا المعنى الذي ذكره معلوم بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس} (٤) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم تحرسه أصحابه حتى نزلت هذه الآية: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس} فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلى أصحابه بالليل وقال: "يأيها الناس انصرفوا (٥) فقد عصمني الله من الناس" (٦).


(١) (هؤلاء) ليست في - ح-.
(٢) (وفهمهم) ليست في - ح-.
(٣) انظر: ما يوافق هذا من قول الطبري في تفسيره ٧/ ١٦٩، والقرطبي في تفسيره ٦/ ٤٠٤.
(٤) المائدة آية (٦٧).
(٥) في - ح- (انصرفوا عني).
(٦) ورد هذا الأثر مرسلا وموصولا، قد أخرجه ت. كتاب التفسير (ب. تفسير سورة المائدة) مرفوعا من حديث عبد الله بن شقيق عن عائشة - رضي الله عنها -، وقال الترمذي: "حديث غريب"، وروى بعضهم الحديث عن الجريري عن عبد الله بن شقيق ولم يذكروا فيه عائشة. انظر: ت. ٥/ ٢٥١، وأخرجه الحاكم من نفس الطريق وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. المستدرك ٢/ ٣١٣ وابن جرير الطبري من نفس الطريق مرفوعاً. تفسير ابن جرير ٦/ ٣٠٨، قلت: في إسناده الحارث بن حجر صدوق يخطئ كثيراً. التقريب ص ١٦٠.
أما المرسل فأخرجه ابن جرير عن عبد الله بن شقيق وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي. انظر: تفسير ابن جرير ٦/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>