للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفيد الإخبار عن إنعامه عليهم في الدنيا والآخرة، وعلى ما ذكره المخالف يكون مكرراً عن معنى واحد؛ لأن الثواب هو الجنة والجنة هي الثواب، ومتى أمكن حمل الكلامين على فائدتين محددتين كان أولى من الحمل على فائدة واحدة مكررة.

وأما قراءة من قرأ {وَالَّذِينَ قُتِلُوا} بالتخفيف، وقراءة من قرأ {قُتِّلُوا} بالتشديد وهم قتلى بدر {سَيَهْدِيهِمْ} فإن تأويل الآية على هذا: سيهديهم في القبور عند المسألة منكر ونكير إلى القول الثابت بالتوحيد، وهو قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} (١) والقول الثابت: قول لا إله إلا الله، وهذا مما يرده القدرية ويجحدونه وينكرون عذاب القبر ومسألة منكر ونكير، ويقولون إن الله لم يثبت الذين آمنوا وإنما هم ثبتوا أنفسهم.

والآية حجة عليهم (٢)، وسيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله (٣).

ثم أخبر بما ينعم به عليهم في الآخرة وقال: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} قيل: طيبها لهم (٤)، وقيل: يعرفهم منازلهم فيها (٥) ويكون (٦) في هذا التأويل حمل


(١) إبراهيم آية (٢٧).
(٢) تقدم هذا من كلام المصنف. انظر: ص ٢٨٨.
(٣) سيفرد المصنف فصلاً فيما سيأتي ص للكلام على عذا القبر.
(٤) قال القرطبي: "مأخوذ من العرف وهو الرائحة الطيبة"، ونسب القرطبي هذا القول إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، ولم أقف عليه مسنداً عنه. انظر: تفسير القرطبي ٦/ ٢٣١.
(٥) هذا القول عليه أكثر المفسرين ويؤيده ما روى البخاري - رحمه الله - بسنده عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنظرة بين الجنة والنار فيقضى لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا" خ، كتاب الرقاق (ب. القصاص يوم القيامة) ٨/ ٩٤، وانظر: تفسير ابن جرير ٢٦/ ٤٤، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٣١، تفسير ابن كثير ٤/ ١٧٤.
(٦) في الأصل (ليكون) وما أثبت من - ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>