للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام على فائدتين محددتين على ما مضى (١).

وأما قول المخالف: إن الضلال قد يراد به العقوبة (٢) واستدل عليه بقوله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} (٣) فغير مسلم له، بل نقول: المراد بهذه الآية أن المجرمين في ضلال من الدين، وسعر يعني بعداً من الحق، وقيل: في شغل وعنا.

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فقال: "هذه الآية أنزلت في أناس يكذبون بالقدر" (٤) ويدل على صحة هذا التأويل إخبار الله عن ثمود وهم قوم صالح في قوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ} (٥) وأرادوا وصف أنفسهم في هذا الحال، وهذا كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٦) وأراد وصف المنافقين بالفسق، وكقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (٧) فأثبت الخلق لنفسه ونفى الخلق عن غيره ثم قال: {بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} فوصف من أثبت الخلق لغير الله سبحانه بالظلم وأنهم في ضلال مبين، وأراد في ضلال من الدين، مبين أي بين، وهذا كوصف الله المجرمين أنهم في ضلال (٨)، وسعر أي في عناء أو في بعد من الحق. وأما استدلاله على تأويله بقوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} (٩) فلا


(١) (على ما مضى) ليست في - ح-.
(٢) في الأصل (عقوبة) وما أثبت من - ح- وهو الأوضح.
(٣) القمر آية (٤٧).
(٤) تقدم تخريجه ص ٢٨٤ كما تقدم ذكر هذه الأقوال في معنى (ضلال وسعر) والرد على المخالف بنحو ما ذكر هنا.
(٥) القمر آية (٢٣ - ٢٤).
(٦) التوبة آية (٦٧).
(٧) لقمان آية (١١).
(٨) في - ح- (ضلال من الدين).
(٩) القمر آية (٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>