للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على أنه أراد وصفهم بالضلال يوم يسحبون وإنما أخبر سبحانه عما يصنع بهم في الآخرة فقال: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} يقال لهم: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} فحذف يقال لهم لدلالة الكلام عليه (١)، وهذا كقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (٢) أي يقال: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}.

وأما قول المخالف: إن شرح صدور المؤمنين من الله من جملة الثواب على الإسلام الذي فعلوه فيه (٣)، فيقال لهم: هل شرح الله صدورهم قبل أن يسلموا أو بعد أن يسلموا؟ فإن شرح الله صدورهم قبل أن يسلموا فكيف أثابهم على فعل شيء لم يوجد منهم؟ وإن قلتم: إنه شرح صدورهم بعد أن أسلموا قيل لهم: زاد إيمانهم بهذا الشرح أو لم يزد؟ فإن لم يزد إيمانهم بذلك فما أفاد هذا الشرح فائدة إذا لم تظهر له فائدة. وإن قلتم ازداد إيمانهم (٤) بهذا الشرح أدى ذلك إلى إبطال قولكم إن الإيمان لا يزيد (٥).

ثم يقال لهم: أيثيبهم الله على هذه الزيادة التي كانت من الله لهم بشرح صدورهم أم لا؟ فإن قلتم: لا يثيبهم عليها، قلنا: فلا فائدة منها ولا وجه لامتنان الله بذلك عليها، وإن قلتم بل يصيبهم الله عليها كما يثيبهم على ما خلقوه لأنفسهم قبل ذلك، قلنا لهم وكيف يثيبهم الله على شيء خلقه (٦) فيهم كما لا يثيبهم على خلقه لألوانهم وصورهم؟، وأيضاً فإنه يؤدي إلى أن


(١) تقدم نحو هذا من كلام المصنف. انظر: ص ٢٨٤.
(٢) آل عمران آية (١٠٦).
(٣) (فيه) ليست في - ح-.
(٤) في قوله: "بذلك فما أفاد .. " إلى قوله: " .. إيمانهم) ساقط من - ح-.
(٥) في الأصل (يزيد) وفي - ح- (لا يزيد) وهو الصواب لأن القدرية ينكرون زيادة الإيمان ونقصانه وسيعقد المصنف لذلك فصلاً خاصاً.
(٦) في - ح- (خلقوه).

<<  <  ج: ص:  >  >>