للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون إيمانهم شيئاً واحداً بعضه خلقوه لأنفسهم، وبعضه خلقه الله فيهم وقد نفى الله أن يكون له شريك فيما خلق.

وأما قول المخالف: إن بهذا الشرح يكون المؤمن أقرب إلى الاستقامة على ما هو عليه من الإيمان، فيقال له: فهل علم الله أن هذا المؤمن يستقيم على إيمانه قبل الشرح لو لم يشرح صدره، أو علم أنه لا يستقيم؟ فإن علم أنه لا يستقيم لو لم يشرح صدره أدى ذلك إلى أنه أجبره على الاستقامة بالشرح وأدى إلى أنه لا يستحق الشرح (١)، وإن قلتم: بل علم أنه يستقيم قبل الشرح، قلنا: فلا فائدة بهذا الشرح، ثم يقال لهذا المخالف ولأهل مذهبه: إذا جاز في العقل والشرع أن يشرح صدور خلقه للإيمان ثواباً منه في الدنيا على ما كان منهم من الإيمان ويثيبهم على هذه الزيادة في الآخرة فما المانع لكم من أن تصفوه بأنه يبتدئ الشرح في صدورهم للإيمان تفضلاً منه وإنعاماً عليهم في الدنيا على غير عمل سبق منهم ويثيبهم على ذلك في الآخرة، وتقولوا كما قال الله سبحانه: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (٢)، وكقوله: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ (٣) وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (٤) وقال: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (٥) وليس فضل أفضل من الإيمان، وقوله: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} (٦) وهلا قلتم كما أخبر الله عن أهل الجنة إذ استقروا في منازلهم فقالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} (٧) وتأويله الذي هدانا بالإسلام (٨) إلى هذا الخير {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ} فنفوا عن أنفسهم الاهتداء لولا


(١) وذلك لأنه وضع الشرح في مكان لا يستفيد منه صاحبه فلا يستحقه.
(٢) النحل آية (٥٣).
(٣) في كلا النسختين (من يشاء من عباده) وهو خطأ.
(٤) الزمر آية (٢٣).
(٥) الحديد آية (٢١).
(٦) آل عمران آية (٧٤) في كلا النسختين (من يشاء من عباده) وهو خطأ.
(٧) الأعراف آية (٤٣).
(٨) في - ح- (للإسلام).

<<  <  ج: ص:  >  >>