للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجاهد: "يسلك التكذيب والضلال" (١) أي يدخله في قلوب المجرمين يقال سلكه وأسلكه لغتان يقال: سلكت الخيط في الإبرة إذا أدخلته فيها (٢)، قال الشاعر:

وقد سلكوك في أمر عصيب (٣)

ويدل على صحة ما لنا قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} (٤)، فأخبر سبحانه أنه زين للذين لم يؤمنوا أعمالهم وهو ضلالهم وكفرهم فهم لذلك يعمهون ويترددون في ضلالهم (٥)، وهذا بخلاف ما أخبر الله عن صنعه بالمسلمين (٦) بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ} (٧) والطاغوت الأوثان (٨)، {وَأَنَابُوا} أي رجعوا عن عبادة الأوثان إلى عبادة الله {لَهُمُ الْبُشْرَى} يعني الجنة {فَبَشِّرْ عِبَادِ} أي بالجنة، ثم وصفهم فقال: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} يعني القرآن


(١) ذكره القرطبي عن ابن جريج عن مجاهد ولم يذكر الضلال. انظر: تفسير القرطبي ١٠/ ٧، وأسنده ابن جرير إلى ابن جريج. انظر: ١٤/ ٩.
(٢) انظر: لسان العرب ٣/ ٢٠٧٣.
(٣) هذا البيت لعدي بن زيد العبادي، وصدره:
وكنت لزاز خصمك لم أعرد. ذكره ابن جرير في تفسيره ٤/ ٩.
(٤) النمل آية (٤).
(٥) انظر: تفسير القرطبي ١٣/ ١٥٥.
(٦) في - ح- (بالمؤمنين).
(٧) الزمر آية (١٧) وفي - ح- زاد هنا (لهم البشرى).
(٨) ورد في الطاغوت عدة أقوال غير هذا القول منها ما رواه ابن جرير عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: "الطاغوت: الشيطان"، ومنها "الطاغوت: الساحر"، وقيل: "الكاهن وهم الكهان الذين كان يتحاكم إليهم بعض القبائل".
وقال ابن جرير: "والصواب من القول عندي في الطاغوت: أنه كل ذي طغيان على الله فعبد من دونه إما بقهر فيه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له إنسانا كان ذلك المعبود أو شيطانا أو وثنا أو صنما أو كائنا ما كان من شيء". وقال ابن القيم: "الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع". انظر: تفسير ابن جرير ٣/ ١٨ - ١٩، تيسير العزيز الحميد ص ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>