للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخالف نقصاً انتقاصه لهم، ولم نسلك (١) طريقهم في الاستدلال بما ذكرنا على (٢) دليل الخطاب وإن كان دليلاً صحيحاً عندنا، وإنما استدللنا بما أخبر الله بكتابه، وبأنه (٣) أنعم على المؤمنين بما لم ينعم به على الكافرين، فقال في هذه الآية: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}. ووصفهم بأنهم الراشدون بما فعله لهم، فقال: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} وأخبرنا في (٤) آية أخرى بتخصيصه لهم أنه لولا فضل الله عليهم ورحمته ما زكوا بقوله تعالى: {وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} (٥)، ومثل هذا قوله تعالى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ} (٦)، وكذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} (٧)، ومثل هذا قوله تعالى: {تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} (٨) وهي النعمة التي أنعم الله بها عليه بالإيمان. وأخبر (٩) الله أنه فعل بالكفار ضد ما فعل بالمؤمنين فقال: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ} (١٠)، وقال في آية أخرى: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} (١١).

قال الحسن البصري: "الشرك سلكه الله في قلوب المجرمين" (١٢) وقال


(١) في - ح (ولمن سلك).
(٢) هكذا في النسختين والأصوب لاستقامة الكلام أن يقول (بدليل) بدل (على دليل).
(٣) في - ح- (لأنه).
(٤) في ساقطة من الأصل.
(٥) النور آية (٢١).
(٦) الحجرات آية (١٧).
(٧) المجادلة آية (٢٢).
(٨) الصافات آية (٥٦ - ٥٧).
(٩) في - ح- (وقد أخبر).
(١٠) الحجر آية (١٢ - ١٣)، وفي - ح- زاد: (حتى يروا العذاب الأليم) وهو خطأ حيث إن هذه في آية الشعراء، أما آية الحجر ففيها: {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ}.
(١١) الشعراء آية (٢٠٠).
(١٢) أخرجه ابن جير في تفسيره ١٤/ ٩ و ١٩/ ١١٥، واللالكائي في السنة ١/ ٥٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>