للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفه، قوله تعالى: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} " (١).

ثم قال هذا المخالف القدري: وأما قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} فالمراد به من يعش عن ذكر الرحمن في الدنيا قيض (٢) له شيطانا في النار وقرنه، ولهذا قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْن} (٣).

والجواب: أن في الآية ما يدل على أنه أراد بأنه يقيض له شيطانا أي يسهل له شيطانا في الدنيا يزين له العاصي، والدليل عليه من وجوه:

أحدهما: قوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} (٤) أي سبيل الهدى وهذا لا يمكن حمله على السبيل في النار.

والوجه الثاني: قوله تعالى: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} يعني يظنون أنهم على هدى، وهذا لايكون إلا في الدنيا، فأما في النار فقد تيقنوا أنهم لم يكونوا في الدنيا على هدى، وفي هذا دلالة على أن الإنسان قد يفارق الحق ولا يعرف ذلك، وعلى أن المعرفة ليست اضطرارا، ومثل هذا قوله تعالى: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (٥).

والوجه الثالث: الدال على أن القرين قيض له في الدنيا قوله تعالى:


(١) أخرجه عنه الآجري في الشريعة ص ١٥٨ مثله، وأخرجه اللالكائي في السنة ٣/ ٥٦٦ مختصرا، وقد تقدم إيراد بعضه منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفيه وضاع، انظر: ما تقدم ص ٣٣٨.
(٢) في - ح- (الله).
(٣) الزخرف آية (٣٨).
(٤) الزخرف آية (٣٧).
(٥) المجادلة آية (١٨) وأول الآية قوله عز وجل: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>