للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاهتداء إلى المَهدي (١) ثم قال: {وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} وأراد بالإضلال هاهنا ضد الهداية وهو الإضلال عن الدين ثم قال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ} فأخبر أن الذين أضلهم في الدنيا عن الدين هم الذين ذرأهم لجهنم، فيحمل كل خبر على فائدة متجددة ولو حملناه على صنعه بهم (٢) في الآخرة لكان الخبران خبراً (٣) عن شيء واحد.

والوجه الثاني: مما يدل على أنه أراد بالذرء هو خلقهم في الدنيا أنه قال: {كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ} وكثيراً لفظه لفظة النكرة يدل على أنه لا يعود على نكرة متقدمة (٤) فلو كان المراد به الذين ماتوا مصرين على الكفر لأخبر عنهم بلفظ المعرفة كقوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ} (٥).

والوجه الثالث: أنه وصفهم بأنهم ليس لهم قلوب يفقهون بها، بل ختم على قلوبهم عن الهدى وعلى أسماعهم فلا تسمع آذانهم الإيمان، وعلى أبصارهم، فقال: {إِنْ هُمْ إِلاّ كَالأنْعَامِ}، لأن الأنعام ليس لها همة غير الأكل والشرب، بل هم أضل من الأنعام، لأن الأنعام تبصر مضارها ومنافعها وهم لا يعلمون، وهذه الصفات لا تصلح إلا لمن هو (٦) من أهل الدنيا، فأما أهل النار فلا تضرب الأنعام مثلا لهم لأنها ليست دار (٧)


(١) المهدي بفتح الميم وسكون الهاء وكسر الدال بمعنى المعطى الهدى.
(٢) في الأصل (لهم) وهي في - ح كما أثبت وهي أصوب.
(٣) في الأصل (لكان الخبر الآخر خبراً) وهي في - ح- كما أثبت وهي الأصوب.
(٤) في الأصل (تقدم) والمثبت من - ح-.
(٥) الزمر آية (٧١)، ومراد المصنف هنا أن الآية على قول المخالف الأولى أن تكون هكذا لتدل على مراده (ولقد ذرأنا لجهنم الذين كفروا من الجن والإنس) كما هي في آية الزمر.
(٦) (من) ليست في - ح-.
(٧) في - ح- (ذات).

<<  <  ج: ص:  >  >>