للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليلنا على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُم} (١)، وقوله تعالى: {وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِه} (٢)، فأمر الله الخلق أن يسألوه بأن لا يحملهم ما لا طاقة لهم به، يدل (٣) على أن له أن يحملهم ما لا طاقة لهم به.

فأجاب المخالف القدري عن الآية الأولى وقال: لا حجة لهذا المستدل فيها، لأنه أخبر أنه ما أعنت أحداً، لأن من كان قاعداً في المسجد لا يجوز أن يقول (٤) لو شئت الآن لقعدت في المسجد، وعند المستدل أن الله قد خلق الكفر في أكثر الخلق وهو يسوقهم إلى النار وهو من أعظم العنت.

والجواب أن يقال لهذا المجيب: هرفت قبل أن عرفت (٥) فقلت: أخبر الله أنه ما أعنت أحداً، وهكذا قلنا إنه ما أعنت العباد فيما شرع من الشرائع، وإنما أخبر أنه لو شاء لأعنت جميعهم، أي لو شاء لكلفهم ما يشق عليهم أداؤه لأن العنت المشقة يقال: عنت الفرس، يعنت عنتاً إذا حدث في قوائمه داء لأن العنت المشقة يقال: عنت الفرس يعنت عنتاً إذا حدث في قوائمه داء لا يمكنه الجري معه، وأكمة عنوت شاقة المصعد، وفلان يعنت فلاناً إذا شدد عليه وألزمه المشقة (٦).

وأما قول المخالف: إذا (٧) قلنا إن الله قد خلق الكفر في الكافرين فقد أعنتهم.


(١) البقرة آية (٢٢٠).
(٢) البقرة آية (٢٨٦).
(٣) في - ح- (فدل).
(٤) في - ح- (يقول له).
(٥) في - ح- كتب فوق هذا المثل (يقال لا تهرف ما لا تعرف) شرح مقامات، وقد تقدم هذا المثل والتعليق عليه ص ١٩٦.
(٦) انظر: لسان العرب ٤/ ٣١٢٠.
(٧) (إذا) ليست في - ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>