للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذاته، فمن قال إن الكافرين الذين لم يؤمنوا ما كانوا مأمورين بالإيمان فقد جحد الشرع، ومن قال: كان الإيمان منهم متصوراً فقد اضطر إلى القول بتصوير (١) ما لا يتصور امتثاله (٢).


(١) في - ح- (بتصور).
(٢) تقدم ذكر هذا المثال في التعليق وبيان أنه لا يصح ص ٤٦٤، ويمكن أن يضاف إلى ما ذكر المصنف هنا أن يقال: أيضاَ من زعم أن الله قد كلف ما لا يطاق فقد خالف نص القرآن والصواب في ذلك أن هذا ليس فيه خطاب موجه إلى أبي لهب حتى يطالب بالإيمان بما هو مستحيل، لسبق علم الله فيه أو لخبر الله فيه أنه لا يؤمن، وإنما هذا خبر من الله عزوجل لنبيه وعباده المؤمنين ليصدقوا بمضمونه، أما أبو لهب فقد قضى عليه وحقت عليه كلمة العذاب بعد أن تقدم الله إليه عن طريق رسوله بطلب الإيمان والتصديق وقامت عليه الحجة به، وهذا ظاهر، وادعاء أنه طلب منه الإيمان بأنه لن يؤمن قول فاسد لا يتصور وروده في شرع الله، إذ المطلوب الأساسي هو الإيمان بالله، فإذا لم يقم العبد بهذا الحق الذي يتفرع عنه كل أمر ونهي وخبر من الله لا يتصور من العبد القيام بما هو دونه، أما الكفار الذين لم يأت خبر خاص عنهم بعدم الإيمان، فالرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من بعده يطالبونهم بالإيمان بالله ويدعونهم غليه لأن ما في علم الله متعلق به جل وعلا فلا اطلاع للمؤمنين عليه وهم عندنا يتصور منهم الإيمان ما لم يأتنا دليل خاص بعدم إيمانهم، فإذا أتانا دليل خاص بذلك فلا يجوز لنا أن ندعوهم إلى الإيمان، لأن هذا فيه تكذيب لخبر الله أو شك فيه ومن المثال على ذلك المسيح الدجال فإنه لا يدعى إلى الإيمان، ولا يطلب منه ذلك بل يسعى إلى اكتفاء شره أو قتاله نصرة لله ولدينه، والله أعلم.
وانظر كلام شيخ الإسلام في الفتاوى ٨/ ٣٠٢، فقد أشار إلى الرد على من زعم أن تكليف أبي لهب بالإيمان من التكليف بما لا يطاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>