للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به سوءاً أعمى عيني قلبه (١). قال الله تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٢) قال الضحاك: (المؤمن له عينان في صدره بصيرتان يؤديان إلى العينين التين في الوجه، والكافر له عينان في صدره مطموستان لا يؤديان إلى عيني رأسه) (٣).

قال الله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ} (٤) فعندها يصلون (٥).

ويدل على صحة ما ذهبنا إليه من ذلك أن الله سبحانه قال: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} (٦) فيقال: أمر الله أبا لهب بالإيمان، وأخبر سبحانه أنه لا يؤمن وأنه سيصلى ناراً ذات لهب فقد أمر أبا لهب أن يصدقه بجميع ما أخبر به وكأنه أمره أن يؤمن بأنه لا يؤمن وأنه سيصلى ناراً ذات لهب، وكأنه قيل له صدق بأنك لا تصدق، وهذا محال، وتحقيقه أن خلاف المعلوم محال وقوعه ولكن ليس محالاً وقوعه لذاته بل محالاً لغيره، والمحال في امتناع الوقوع كالمحال


(١) أخرج الطبري في تفسيره ٢٦/ ٥٧ بسنده عن خالد بن معدان نحوه، ونحوه عزا أيضا القرطبي في تفسيره ١٢/ ٧٧ إلى مجاهد.
(٢) الحج آية (٤٦).
(٣) لم أقف عليه عن الضحاك ورواية خالد بن معدان ومجاهد نحوها.
(٤) يس آية (٦٦).
(٥) لعل مراد المصنف - رحمه الله - هنا الاستدلال بهذه الآية على الأثر المذكور عن الضحاك فقد ذكر القرطبي عن عطاء ومقاتل وقتادة ورواية عن ابن عباس أنهم قالوا (ولو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم وأعميناهم عن غيهم وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى فاهتدوا وأبصروا رشدهم وتبادروا إلى طريق الآخرة) تفسير القرطبي ١٥/ ٥٠ ولم أقف عليه مسنداً.
وهذه الآية أيضاً لا دليل فيها على تكليف ما لا يطاق، فإنهم قادرون على الرؤية والسماع، وإنما كانوا يتعاملون ويتغافلون عن الحق وقبوله بدليل أنه خصص الغطاء على الأعين هنا عن الذكر فيكون أيضاً المراد بالذي لا يستمعون إليه ولا يستطيعونه.
(٦) المسد آية (١ - ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>