للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى عكرمة قال: "كنت عند ابن عباس جالساً فجاء رجل فقال: يا ابن عباس أخبرني من القدرية فإن الناس قد اختلفوا عندنا بالمشرق. فقال ابن عباس: القدرية قوم يكونون في آخر الزمان دينهم الكلام، يقولون إن الله لم يقدر المعاصي على خلقه ويعذبهم على ما قدر عليهم، فأولئك هم القدرية، وأولئك هم مجوس هذه الأمة، وأولئك ملعونون على لسان النبيين أجمعين فلا تقاولوهم (١) فيفتنوكم، ولا تجالسوهم ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم، أولئك أتباع الدجال لخروج الدجال أشهى إليهم من الماء البارد، فقال رجل: لا تجد علي يا ابن عباس فإني سائل مبتلى بهم، قال: قل، قال (٢): كيف صار في هذه الأمة مجوس وهذه أمة مرحومة، فقال ابن عباس: أخبرك لعل الله ينفعك، فقال: افعل، قال: إن المجوس زعمت أن الله لم يخلق شيئاً من الهوام والقذر، ولم يخلق شيئاً يضر، وإنما يخلق المنافع وكل شيء حسن (٣)، وإنما القذر (٤) هو الشر، والشر كله خلق إبليس وفعله، وقالت القدرية: إن الله لم يخلق الشر ولم يبتل به، وإبليس رأس الشر وهو مقر بأن الله خلقه. وقالت القدرية: إن الله أراد من العباد أمراً لم يكن وأخرجوه من ملكه وقدره، وأراد إبليس من العباد أمراً فكان إبليس عند القدرية أقوى وأعز، فهؤلاء القدرية، فكذبوا أعداء الله. إن الله يبتلي ويعذب على ما ابتلى وهو غير ظالم، لا يسأل عما يفعل، وبمن ويثيب وهو فعال لما يريد، ولكنهم أعداء الله ظنوا ظناً فحققوا ظنهم عند أنفسهم، وقالوا: نحن العالمون والمثابون والمعذبون بأعمالنا ليس لأحد علينا منة وذهب عليهم المن من الله والخذلان. قال سويد بن سعيد (٥): لا إله إلا


(١) في - ح- (فلا توالوهم) وما في الأصل يوافق ما عند اللالكائي ومعناه (لا تكلموهم).
(٢) (قال) ساقطة من الأصل وهي في - ح- وهي عند اللالكائي أيضاً.
(٣) في النسختين (حسناً) وما أثبت من اللالكائي.
(٤) في النسختين والمطبوع من شرح السنة (القدر) بالدال ولعل صوابها كما أثبت (القذر) بالذال.
(٥) سويد بن سعد بن سهل أبو محمد الهروي الحدثاني الأنباري، قال ابن حجر: "صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه". وأفحش فيه ابن معين توفي سنة (٢٤٠ هـ) انظر: التقريب ص ١٤٠، وانظر: ميزان الاعتدال (/٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>