للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت الجهمية والمعتزلة والقدرية: لايوصف الله بأنه متكلم (١).

ودليلنا قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} (٢)، فأخبر الله تعالى أنه كلم موسى، وأتى بالمصدر توكيداً ليدل أنه كلمه بغير رسول ولا ترجمان، لأن الإنسان إذا قال: ضربت زيداً جاز أن يكون ضربه بنفسه، وجاز أن يكون ضربه غيره بأمره له، فإذا قال: ضربت زيداً ضرباً، كان ذلك خبراً عن ضربه له بنفسه.

ويدل على ما قلنا ما أخبر الله سبحانه عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين كسر أصنام قومه - إلى قوله (٣) - {فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُون فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ} فيما قال إبراهيم فقال بعضهم لبعض {فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُون ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ} يقول رجعوا إلى أمرهم الأول (٤) بالشرك وقالوا له: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ} (٥).

والنطق عبارة عن الكلام، فدل على أن الكلام غير مستحيل من الله، إذ لو كان مستحيلاً منه الكلام لكان دليل إبراهيم منقلباً عليهن ولكان للكفار إلى إبطال حجته دليل بأن يقولوا: فإن إلهك الذي تدعونا إليه لا يوصف بالكلام أيضاً.


(١) الجهمية والمعتزلة تنفي عن الله عزوجل سائر الصفات، ويثبتون له الوجود ومن هذه الصفات الكلام، فينفي الجهمية والمعتزلة أن الله عزوجل تكلم أو يتكلم بشيء، وزعم المعتزلة أنه إذا أراد الكلام خلق الكلام في محل فيصدر الكلام من ذلك المحل، لهذا زعموا أن القرآن مخلوق. انظر: قولهم وإنكارهم لصفة الكلام وفي: المغني لبعد الجبار ٧/ ٦٨ - ٦٣، وفرق وطبقات المعتزلة ٢/ ١٤٧، الفرق بين الفرق ص ٢١١، مقالات الإسلاميين ١/ ٢٦٧.
(٢) النساء آية (١٦٤.
(٣) هكذا في كلا النسختين.
(٤) في الأصل (بالأول) وفي - ح- كما أثبت وهي الأصوب.
(٥) الأنبياء: آية ٦٣ - ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>