للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الدليل على ذلك أيضاً قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} (١).

ومعلوم أن المشركين لا سبيل لهم إلى سماع ما في نفس الله من الكلام ولا إلى تبديله. فتقرر بهذا أن المراد بهذا كله هو القرآن المتلو المسموع.

ويدل على ما قلناه قوله تعالى {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوه} (٢)، والمراد بكلام اله في هذه الآية التوراة، ويدل على هذا أن المتلو يسمى كلام الله قوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}. الآية إلى قوله تعالى: {لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} (٣)، أي لا تغيير لما وعد الله أولياءه من كريم ثوابه.

وأما الدليل على أن هذا المتلو يسمى قرآناُ فقوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} (٤).

فالذي تحدى الله العرب أن يأتو بمثله وجعله معجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم واخبر أنهم لا يأتون بمثله هو هذا القرآن والسور والآيات، فأما ما في نفس الباري من الكلام فلا سبيل للعرب، ولا لأحد من الخلق إلى سماعه، ولا إلى معارضته.

ويدل على ما قلنا قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغ} (٥).

فقال: {هَذَا الْقُرْآنُ} وهذه إشارة إلى شيء موجود مع النبي صلى الله عليه وسلم، وما في نفس الباري ليس بموجود معه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنذرهم بما يتلى في هذه السور والآيات.

وأيضاً فإنه قال: {وَمَنْ بَلَغ} وأراد من بلغه القرآن من غاب عني أو حدث


(١) الفتح آية (١٥).
(٢) البقرة آية (٧٥).
(٣) يونس آية (٦٢ - ٦٤).
(٤) الإسراء آية (٨٨).
(٥) الأنعام آية (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>