للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقول الأشعري هذا لا يستقيم أنه عبارة عن كلام الله.

وقول الأشعري: إن المفهوم من هذا الكلام كلام الله فغير صحيح لأن مفهوم كل إنسان معه ولا سبيل للخلق (١) إلى العلم بفهم ما في نفس الباري سبحانه، قال الله تعالى {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} (٢).

ولأن ما في النفس لا يسمى كلاماً حقيقة وإنما يسمى حديث نفس (٣). بدليل: أن رجلاً لو حلف بطلاق امرأته أن لا يتكلم فحدث نفسه بشيء أو نظم في نفسه كلاماً لم تطلق امرأته بإجماع الفقهاء، فدل ذلك على أن حقيقة الكلام هو المسموع المفهوم، ولا يكون ذلك إلا بحروف وصوت. ويقال الأشعري إذا قرأ آية ن كتاب الله أهذا كلام أم كلامان (٤) فإن قال بل


(١) يوجد تعليق في هامش -ح- في بيان قول الأشاعرة منقول عن الإيجي وهو من الكلام الذي لا طائل تحته ولا دليل عليه.
(٢) المائدة آية (١١٦).
(٣) ابتدأ المصنف - رحمه الله - يرد على الأشاعرة ودعواهم أن الكلام هو حديث النفس وأبو الحسن الأشعري بين يدي له ثلاثة كتب: اللمع، ورسالة إلى أهل الثغر، والإبانة، ولم يذكر في واحد منها الكلام النفسي، بل صرح أن كلام الله غير مخلوق، وأن القرآن غير مخلوق، لكنه لم يقل في واحد من هذه الكتب إن اله تكلم بحرف وصوت، بل أغفل هذه المسألة تماماً وتحاشى إيرادها والكلام عليها وكلامه في الإبانة أصرح من كلامه في غيرها، حيث صرح بالتكليم فقال: "وقد قال الله عزوجل {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} والتكليم هو المشافهة بالكلام". الإبانة ص ٥٨.
وقد نسب إليه القول بالكلام النفسي أبو نصر السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت فقال: "وقال في غير ذلك من كتبه - يعني أبا الحسن الأشعري -: الكلام معنى قائم بنفس المتكلم كائناً من كان ليس بحرف ولا صوت"، الرد على من أنكر الحرف والصوت ص ٩٦، رسالة ما جستير. وعزا إليه نحوه الشهرستاني في نهاية الإقدام ص ٣٢٠، كما بين أبو نصر السجزي - رحمه الله - في كتابه هذا أن الكلابية والأشاعرة هم أول من قال بهذه المقالة في الكلام. انظر: ص ٩١ من الرد على من أنكر الحرف والصوت.
أما أتباع أبي الحسن الأشعري فهذا ظاهر في كتبهم ومصرح به. انظر: التمهيد للباقلاني ص ٢٨٣، والاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ص ٧٥، الإرشاد للجويني ص ١٠٩، وغاية المرام في علم الكلام للآمدي ص ٩٧.
(٤) هكذا في النسختين ولعل فيها سقطاً وصوابه (أهذا كلام أم ليس كلاماً).

<<  <  ج: ص:  >  >>